أشعر وكأننا على عتبة البدء برحلة معا. أرحب بكم في هذا البرنامج الجديد الذي سندعو حلقاته مدرسة الكتاب المقدس المصغرة. وسوف نقوم معا بدراسة الكتاب المقدس من بدايته إلى نهايته في مائة وثمانين درسا، قد تبدو هذه رحلة طويلة، ولكننا سنذهب فيها بسرعة. وأنا مسرور جدا للبدء بهذه الدروس، ومتيقن أنكم ستشاركونني سروري، وأرجوان تصمموا على الانضمام لهذه الرحلة وأن تدعوا آخرين للإصغاء ودراسة كلمة الله.
تخيلوا أنكم في رحلة طويلة مع مجموعة من الناس، فمثلا لو ذهبت إلى الأراضي المقدسة مع ثلاثين أو أربعين آخرين. ثم بعد سنوات إذا تقابلت مع هؤلاء الأشخاص سوف تشعر برابطة قوية نحو بعضكم البعض لأنكم تشاركتم خبرة معا، في رحلة جميلة. فأنا الآن أشعر أننا على أعتاب رحلة ممتعة سوف نتجول خلالها في أسفار الكتاب المقدس الستة والستين. وإذا نقوم برحلة الاستطلاع هذه سوف يكون لنا أهداف معينة، أولها النظر إلى محتوى كل سفر من أسفار الكتاب المقدس. وثانيها دراسة وتركيب كل سفر، وثالثها وهو الأهم سنتوقف أمام الرسالة التأملية لكل سفر من هذه الأسفار والتي يمكن تطبيقها على حياتنا الشخصية.
إن هذه الدورة التعليمية موجهة إلى المؤمنين العاديين في الكنيسة، أنا شخصيا أومن أن قوة الكنيسة تكمن في أعضائها المؤمنين. كما شارك الرسول بولس هذه الرؤية معنا في أفسس 12:4 حيث يقول أننا معا نعمل لأَجْلِ “تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ”. أعتقد أن ما يعلمه لنا الرسول بولس هنا هو أن عمل الخدمة يتم عن طريق المؤمنين العاديين في الكنيسة، وإذا كنا نريد بالحق أن تتم هذه الخدمة نحن نحتاج أن نكمل هؤلاء المؤمنين. فهدفنا في هذه الدورة التعليمية ونحن نستطلع أسفار كلمة الله واحدا تلو الآخر هو أن نرى المؤمنين يتأهلون لمشاركة إيمانهم بأكثر فعالية مع أصدقائهم في السوق ومع العائلة ومع الجيران. وبشكل خاص نحن نرغب في تكميل المؤمنين الذين يقومون بخدمات في الكنائس وفي مدارس الأحد وفي الخدمات الأخرى. بهدف إعطائهم فهما متكاملا لأسفار الوحي.
ولكي نستطيع أن نحقق هذا الهدف سوف أطلب منكم خلال البرامج المقبلة قراءة مقاطع معينة من كلمة الله، وسوف أطرح عليكم أسئلة مما يساعدكم على فهم محتوى كل سفر ورسالته التعبدية والنقاط الرئيسية والتطبيق الشخصي لكل من هذه الأسفار على حياتكم الخاصة.
إذا كنت قد قرأت الكتاب المقدس كله من التكوين للرؤية سوف تعرف أن ما نحن بصدد القيام به هو ما هو إلا مقدمة. إنها دراسة تحليلية للكتاب المقدس. تأخذ الجزئيات لجد لها مكانا في الصورة الكلية. فالكتاب المقدس يتكون من ستة وستين سفرا أو جزءا، وما نود أن نقوم به اليوم هو أن نعطيك إدراكا جديدا لهذه المجموعة من الكتيب التي نسميها بالكتاب المقدس. فمعا سوف نرى أنه كتاب واحد وله رسالة واحدة من بدايته إلى نهايته، وهي قصة فداء الله.
وأنا أود أن أتحداك في بداية هذه الدراسة، فالأمر الوحيد الذي سيعطي هذه الدراسة قيمة في عينيك، هو عندما تكون دارسا ملتزما. يقول الرسول بولس أن الطريقة الوحيدة التي تسمح لنا بتجنب الفشل أو الخجل عندما يتعلق الأمر بفهم الكتاب المقدس، هي بأن نصبح عاملين على الكلمة، بمعنى دارسين للكلمة. إذا الطريقة الوحيدة لفهم الكتاب المقدس هي بدرسه والعمل بموجبه. فأنا أشجعك في بداية هذه الدراسة أن لا تفوت على نفسك أي درس وأن تلزم نفسك بالواجبات التي سنطلبها.
كثيرون من الذين تابعوا دراستنا هذه طبقوها على فريق الخدمة تبعهم. فكثير من المؤسسات التبشيرية تتطلب من مرسليها إلماما واسعا بالكتاب القدس، بالإضافة إلى مهاراتهم الشخصية. فإذا كان دافعك تبشيريا فلابد أنك ستحتاج إلى مزيد من التعمق في كلمة الله. فلقد أعددنا نبذا وكتيبات إضافية تساعد دراستنا وترافقها. وأنا واثق أنك سوف تجد كل إفادة ومساعدة في هذه الكتيبات. فنحن نشجعك على دراستها ومشاركة ما تتعلمه منها مع الآخرين.
وأود أن أضيف شيئا آخر في بداية دراستنا الرائعة هذه عما يتعلق بالأدوات التي ستحتاجها لتدرس كلمة الله معنا، وأنت تعلم أن النجارين وأطباء الأسنان والجراحين والساعاتيين، وغيرهم، جميعهم يستخدمون أدوات، وعليهم أن يحسنوا استخدامها إذا كانوا يحرصون على ازدهار مهنتهم. وبالتالي أنت بحاجة إلى أدوات خاصة بهدف دراسة جدية للكتاب المقدس. وسوف أقترح عليك بعض هذه الأدوات.
الأمر الأول الذي تحتاجه وهو الأكثر بديهية ووضوحا هو الكتاب المقدس. وأنا أقترح عليك أن تستخدم نسخة متينة التجليد. فقد تحتاج أ، تدون ملاحظات خاصة على كتابك. ولابأس بذلك، فهذه الملاحظات ستساعدك على تذكر المقاطع الهامة. وبينما تتآلف مع نسختك هذه بعد سنين من الدراسة، فإن لم تكن نسختك متينة كفاية فسوف تضطر لوضعها جانبا وللاستغناء عنها لأنها سوف تتناثر إلى أشلاء. لهذا أنصحك باستخدام نسخة متينة للكتاب المقدس.
هناك العديد من الترجمات الجيدة للكتاب المقدس، ولكن للمزيد من الوضوح يستحسن استخدام ترجمتين. واحدة منها ترجمة فان دايك، بالإضافة إلى ترجمة تفسيرية تدعى كتاب الحياة. مما سيوفر لك المزيد من الدقة والسهولة والوضوح.
أداة ثانية تحتاجها هى قاموس الكتاب المقدس. الذي يقدم لك معلومات عن كل شخصية ومكان وشيء في الكتاب المقدس. فإذا أردت مثلا التجوال في المنطقة الجغرافية التي دارت فيها أحداث الكتاب المقدس، فإن حيازتك على قاموس الكتاب سوف يعطيك مرجعا تاريخيا وجغرافيا للمواقع المذكورة في الكتاب. والتي يتكلم عنها القاموس بالتفصيل. لهذا يعتبر قاموس الكتاب أداة في غاية الأهمية للدراسة.
أداة أخرى تساعدك في الدراسة هي فهرس الكتاب المقدس، والفهرس هو كتاب يضع لوائح لكل كلمة في الكتاب المقدس. ذاكرا مكان وجودها بالتحديد. والسبب الأول لأهمية فهرس الكتاب هو أنه يساعدك على دراسة موضوعية لكلمة الله. فيمكنك أن تأخذ أي مفهوم أو موضوع في الكتاب المقدس وتنظر إلى الفهرس لتجده يخبرك عن أماكن تواجد الآيات التي تعالج هذا المفهوم أو الموضوع، في الكتاب المقدس من سفر التكوين إلى سفر الرؤيا. مما يوفر لك لمحة شريعة عن الموضوع. والسبب الثاني لأهمية الكتاب المقدس هو أنه يساعدك على تحديد أماكن وجود آيات الكتاب. فكم من مرة يسألك الناس مثلا: “أين يقول الكتاب المقدس أن محبة المال أصل لكل الشرور؟” ويكون جوابك أنك لا تتذكر بالتحديد مكان وجود مثل هذا العدد في الكتاب. ومن هنا يمكنك بكل بساطة أن تفتح فهرس الكتاب المقدس وتفتش عن أي كلمة من هذه الكلمات. مثلا محبة، مال، أصل، شرور، وهكذا بإمكانك بشرعة وبساطة تحديد مكان وجود هذا العدد في الكتاب المقدس. الذي هو 1 تيموثاوس 10:6.
هناك أدوات إضافية تساعدك في دراسة شاملة في الكتاب المقدس. أود أن أقترحها عليك، فهناك كتب التفسير وهي أداة تساعدك على فهم أفضل للكتاب. والكتيبات التي نصدرها هي بمثابة دراسات تفسيرية مصغرة، التي سوف تساعدك على دراسة وفهم وتعليم كلمة الله للآخرين. كثير من رعاة الكنائس يصغون إلى هذه المواضيع ويدرسونها، فيوم مما سوف يسألك أحدهم عن الكتاب المقدس. ودراستنا هذه سوف تؤهلك على الإجابة لهذه الأسئلة.
وسوف تحتاج بالطبع على دفتر ملاحظات وقلم لتسجيل ملاحظاتك وأسئلتك. تذكر بأننا بصدد الشروع برحلة طويلة، فأنصحك بإعداد الأدوات اللازمة وأن لا تفوت على نفسك أي درس، وأن تدعو أصدقائك للانضمام إلينا في هذه المغامرة الرائعة. في دراسة أعظم كتاب في العالم على الإطلاق، الكتاب المقدس.
يخبرنا الإنجيل أن الرب يسوع بعد قيامته رجع وتراءى لتلاميذه ليشاركهم بحقائق من كلمة الله. وبسبب هذه الحقائق التي شاركها يسوع مع تلاميذه، نقرأ أنهم فهموا لأول مرة في حياتهم كلمة الله. لقد فتحت هذه الحقائق التي شاركها يسوع مع تلاميذه، فتحت أذهانهم لفهم كلمة الله. بهذه الطريقة سوف أشارك معكم حقائق عن الكتاب المقدس التي أرجو أن تفتحوا أذهانكم لفهم كلمة الله.
وقبل كل شيء أود تعريف عبارة الكتاب المقدس، كلمة كتاب مشتقة من الكلمة اليونانية “بيبليا” التي تعني الكتب أو الأسفار. وهي بصيغة الجمع في اللغة الأصلية التي استخدمت فيها. هذا لأن الكتاب المقدس هو مجموعة من ستة وستين سفرا.
فعندما نقول أن هذه المجموعة من الكتب أو الأسفار هي مقدسة، فماذا نعني بذلك؟ تعني كلمة مقدسة: أمور تخص الله أو أمور تأتي من الله. فالله هو المصدر لهذه الأمور. والمقصود هنا هو أن هذه الأسفار أو الكتب هي مختصة بالله بطريقة مميزة لأنه قام بدور ديناميكي حيويا فيها. إن هذا الكتاب يحتوي على رسالة الله للإنسان. هذا ما يجعله الكتاب الأعظم في العالم. ولهذا فإن دراسته هي أعظم دراسة في العالم على الإطلاق. وسوف نقوم بدراسة الكتاب المقدس الذي هو كتاب الله لنا.
يطلق على الكتاب المقدس أيضا اسم كلمة الله، فماذا نعني بهذا؟ ندعوه بكلمة الله بسبب ما قاله أنبياء ورسل عنه مثل بطرس وبولس، فلنصغي ما يقوله الرسول بولس بهذا الصدد في 2تيموثاوس 16:3-17 حيث يقول: “كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ”.
في هذين العددين من الكتاب المقدس يقول لنا الرسول بولس أن الله كان لو دور هام في كتابة هذه الأسفار. لقد أراد الله أن يشارك رسالة مع الإنسان ولكي يقوم بذلك قام بتحريك رجال عظماء لربما أربعين منهم للقيام بهذا العمل. لقد كان هؤلاء الرجال محركين من قبل الله بشكل أن الكلمات التي دونوها لم تكن كلماتهم بل كانت كلمات الله. وفي فترة خمسة عشر أو ستة عشر قرنا أصبحت كتابات هؤلاء الرجال مجموعة في أسفار الذي نسميه الكتاب المقدس.
تسمى الطريقة التي حرك بها الله هؤلاء الرجال ليكتبوا هذه الأسفار، تسمى بالوحي. وبهذا المعنى يقول بولس الرسول أن أسفار الكتاب المقدس موحى بها من الله. وكلمة وحي تعني نفس. لقد تنفس الروح القدس في هؤلاء الأشخاص وحركهم ليكتبوا الأسفار.
ويصف الرسول بطرس الكتاب المقدس بالكلمات التالية: “لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ…أَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ”. فالرسول بولس يخبرنا أن معجزة الكتاب المقدس تحققت بواسطة عملية الوحي.
والرسول بطرس يعبر عن ذلك كالتالي: “إن الرسالة التي دونها هؤلاء الأشخاص لم تنبع منهم بل من الله. فكل الرسائل المدونة في هذه الأسفار نابعة من قلب الله، ولقد شارك الله وسائله هذه مع أشخاص محمولين ومحركين بالروح القدس.
يستخدم بطرس عبارة جميلة في اللغة اليونانية، هي “فيرو” والتي تعني تقريبا جسرا عائما. وهناك الكثير من المعابر المائية اليوم في العالم التي يستخدم فيها الناس بواخر عائمة كوسيلة للنقل من ضفة إلى أخرى، ويطلقون على هذا الباخرة اسما ينبثق من العبارة اليونانية “فيرو”. ليشيروا إلى دورها كجسر عائم. هذه هي العبارة التي يستخدمها بطرس ليصف كيفية تحريك الله للذين دونوا الكتاب المقدس. تخيل قوة الريح التي تدفع السفينة لتنقل الناس من ضفة إلى أخرى، هذا هو المقصود بالوحي بحسب الرسول بطرس.
هناك عبارة أخرى هي: “كلمة الله الحية”. والتي تنطبق على يسوع المسيح أكثر مما تنطبق على الكتاب. فالكتاب المقدس يدعى كلمة الله المدونة، ويسوع المسيح يدعى كلمة الله الحية. فكل ما كانه وقاله وعمله كان بمثابة كلمة الله لنا. فقد قال الله لنا الكثير من خلال الكتاب المقدس. ولكنه قال الأكثر والأكثر في ابنه يسوع المسيح. فما أعلنه الله للعالم من خلال حياة يسوع المسيح وتعليمه يفوق أي إعلان آخر. لهذا يشار إلى يسوع ككلمة الله الحية.
نسمع أناسا يقولون: “الآن، هذا القسيس هو بالحقيقة يعظ كلمة الله”. إن الوعظ من كلمة الله هو بالحقيقية معجزة عظيمة، وصفها أحدهم كالتالي: إن كلمة الله الموعوظة هي أن يستخدم روح الله كلمة الله بواسطة رجل الله لجعل أحد ما ابنا لله.
قال الرسول بولس لقد سر الله أن يخلص بجهالة الكرازة الذين يؤمنون”. لربما بولس لم يفهم هذا اللغز، ولكنه آمن به والتزم به. فعندما كان يذهب إلى منطقة معينة ويكرز بإنجيل يسوع المسيح، كان يكتشف أنه عندما كان يُكرز بكلمة الله بواسطة رجل الله المقود بروح الله كثيرون من الناس كانوا يخلصون ويصبحون أبناء لله.
الآن أود أن أتكلم عن تنظيم الكتاب المقدس، وسأفترض أنك لا تعرف شيئا عن الكتاب المقدس. ولكن إن كنت دارسا للكتاب المقدس، فأطلب إليك أن تكون صبورا حتى نثير اهتمامك في الدروس المقبلة. ينبغي الانتباه أن أسفار الكتاب المقدس الستة والستين ليست مرتبة بالتتالي إلى زمن كتابتها ولا إلى زمن كاتبها. بل إلى نوعية وطبيعة كل منهما. وهي بالإجمال تُقسم إلى فسمين رئيسيين، القسم الأول يسمى العهد القديم، والثاني العهد الجديد. لم تكن دائما الحال على هذا المنوال. ولاسيما في زمن الرب يسوع المسيح حيث لم يكن هناك ما يسمى بالعهد القديم والعهد الجديد. فالعهد الجديد لم يكن قد كتب بعد، والأسفار التي كانت موجودة في عهد المسيح سُميت بكلمة الله أو الأسفار المقدسة. ولم يبدأ التمييز بين العهد القديم والعهد الجديد إلا أن تمت كتابة أسفار العهد الجديد وجُمعت في مجموعة واحدة.
إن جوهر رسالة العهد القديم هي هذه: يسوع سيأتي. هذا ما تريد أسفار العهد القديم قوله. وبحسب كلمة الله كان الله والإنسان في انسجام في البداية. ولكن الله خلق الإنسان حر الاختيار. فاختار الإنسان الابتعاد عن الله وبما أن الله لم يقدر أن ينظر إلى هكذا تمرد وعصيان، تحول الله عن الإنسان أيضا. وهكذا حدث الانفصال بين الله والإنسان. ويعتبر هذا الانفصال بين الله والإنسان المشكلة الأساسية التي تعالجها أسفار الكتاب المقدس.
في العهد القديم يقول لنا الله: “هل تؤمنون بي عندما أقول لكم أنني سأفعل شيئا حيال هذا الانفصال؟” في العهد الجديد يقول لنا الله: “هل تؤمنون بي عندما أقول لكم أنني عملت شيئا حيال هذا الانفصال”. فكما ترون أسفار العهد القديم تقول أن يسوع سوف يأتي وسوف ينهي هذا الانفصال بمصالحة الله مع مخلوقاته. العهد الجديد يقول لنا يسوع أتى وصالح الله مع الإنسان. هناك كلمتان في إنجيل مرقس تلخصان كل العهد الجديد وهما “جاء يسوع:.
تُقسم أسفار العهد القديم إلى خمسة أقسام، أي هناك خمسة أنواع من الأسفار في العهد القديم: أولا هناك أسفار الناموس وتعتبر جوهر كلمة الله النقية، وهنا يعلمنا الله التمييز بين الخير والشر. ويقوم سبلنا. هنا يعلمنا عن مقاييسه للبر. يتبع أسفار الناموس الخمسة عشرة أسفار تاريخية تخبرنا هذه الأسفار التاريخية العشرة كيف أن شعب الله أطاعوا ناموس الله أحيانا وعاصوه أحيانا أخرى. وعندما أطاعوه صاروا لنا مثالا يقتدي به. وعندما عاصوه صاروا لنا عبرة نُحظر منها.
في 1 كورنثوس 11:10 يقدم لنا الرسول بولس مفتاح أسفار التاريخ العشرة في العهد القديم. والسفر التاريخي الوحيد في العهد الجديد أي سفر أعمال الرسل. عندما تقرأ كتب التاريخ عليك أن تبحث عن نماذج نقتدي بها وعن عبرة نُتحاشاها بحسب ما يكون شعب الله الطائع حينا ومتمرد أحيانا على ناموس الله.
الأسفار التاريخية يتبعها الكتب الشعرية هذه الكتب أو الأسفار الشعرية هي رسالة الله لشعبه الذي يحاول أن يعيش بحسب كلمة الله في هذا العالم. في هذه الأسفار يتكلم الله برسالة لقلوب شعبه. فمثلا في سفر أيوب يقدم الله رسالة لشعبه المتألم. وفي سفر المزامير لديه رسالة للشعب عن العبادة وعن كل ما يحدث في قلب الإنسان أثناء العبادة. في سفر الأمثال يكلمنا الله عن الأفكار والتجارب التي تجول في قلوبنا عندما نتعامل مع الناس في الحياة العامة.
قال أحدهم أنك عندما تقوم بمشاريع وأعمال يمكنك أن تكتسب أمرين: المال والخبرة. بمعنى التعلم من أخطائك. ولكن عندما تقوم بالمشاريع مع بعض الناس فهم دائما يحصلون على المال وأنت دائما تحصل على الخبرة. بمعنى أنك تتعلم من أخطائك. أما سفر الأمثال فقد كُتب لأن الله لم يرد أن يقضي شعبه يوما بعد الأخر ف التعلم من أخطائهم، بل أرادهم أن يكتسبوا حكمة عملية عن العلاقات الإنسانية. سفر الجامعة كُتب كرسالة من الله لشعبه عندما يساور الشك قلوبهم. سفر نشيد الأنشاد هو رسالة موجهة للناحية العاطفية في حياة شعب الله.
الجزء الآخر من العهد القديم هو الأكبر من ناحية عدد الإصحاحات والأعداد. وهو يُسمى الأنبياء. ويُقسم إلى قسمين: الأول يُسمى الأنبياء الكبار، والثاني بالأنبياء الصغار. سُمي الأنبياء الكبار كذلك ليس لأنهم أعظم من الأنبياء الصغار بل لأن أسفارهم أكبر في الحجم إذ تقع في ستة وستين إصحاحا، اثنين وخمسين إصحاحا، وثمانية وأربعين إصحاحا وهكذا. لقد تطلبهم الكثير من الوقت ليقولوا ما يبتغونه. وسُمي الأنبياء الصغار كذلك لأن أسفارهم قصيرة وتقع في إصحاح واحد، اثنان، ثلاثة وهكذا. ولربما كانوا وعاظا اقدر من الأنبياء الكبار كونهم استطاعوا أن يقولوا الكثير في كلمات قليلة.
في العهد الجديد أيضا لدينا خمسة أنواع من الأسفار, فلدينا أولا قصة حياة يسوع: متى، مرقس، لوقا، يوحنا. ويقدم هؤلاء البشيرون أوجه مختلفة لأعظم حياة عاشها أحد على الإطلاق. وثانيا لدينا كتاب تاريخي واحد هو سفر الأعمال. وثالثا لدينا رسائل بولس الرسول ورابعا الرسائل العامة.
والرسالة هي بمثابة مكتوب أو رسائل بريدية. لقد كتب الرسول بولس نصف العهد الجديد، الذي سمي برسائل بولس الرسول. ثم لدينا الرسائل العامة التي كُتبت من قبل كتاب متنوعين ولقراء عامين. لأشخاص مشتتين يعيشون في أماكن مختلفة. ويختتم العهد الجديد جزءه الخامس بالكتاب النبوي سفر الرؤية الذي هو كتاب الرموز. أنت تحتاج الروح القدس ليساعدك على فهم هذا السفر. الذي تبدأ افتتاحيته بعبارة: “إعلان يسوع المسيح”
وهكذا نجد لدينا ستة وستين سفرا في الكتاب المقدس. مرتبة ليس حسب زمن كتابتها بل حسب نوع محتواها ولقد رأينا معا الأنواع الخمسة لأسفار العهد القديم: أسفار الناموس، أسفار التاريخ، أسفار الشعر، الأنبياء الكبار، والأنبياء الصغار. وكذلك في العهد الجديد لدينا خمسة أنواع من الأسفار: الأناجيل الأربعة، سفر التاريخ الذي هو أعمال الرسل، رسائل بولس الرسول، الرسائل العامة وسفر الرؤيا النبوي.
عندما تكلم يسوع مع التلاميذ في القديم شارك معهم حقائق فتحت ذهنهم ليفهموا الكتاب. فصلاتي اليوم أن تفتحوا هذه الحقائق التي شاركتها معكم اليوم أذهانكم لتتعلموا كيفية فهم الكتاب بالإقتراب منه.
تعال إلى الكتاب المقدس مميزا رسالته الأساسية يسوع آت. هذا هو فحوى العهد القديم. وعليك أن تأتي إلى العهد الجديد باحثا عن الرسالة التالية: “يسوع أتى” هذا هو فحوى العهد الجديد. أعتقد أن هذا كل ما عليك أن تبحث عنه في العهدين القديم والجديد.
وهاك واجبك الأول: أن تحفظ أسماء أسفار الكتاب المقدس، الأمر الذي سوف يساعدك أن تجد المراجع الكتابية بسرعة وسهولة عندما يقتبس منها الواعظ. وأنا اعتقد أن هذا سيشجعك على دراسة جدية للكتاب.
والواجب الثاني هو أن تحفظ الآية الموجودة في 2تيموثاوس 16:3-17. وأن تجيب على الأسئلة التي في الكتيب.