Categories
Uncategorized

كيفية دراسة الكتاب المقدس

أرحب بكم في برنامجنا اليومي في مدرسة الكتاب المصغرة. الذي هو دراسة للكتاب المقدس سفرا بعد الآخر. لا نزال في بداية دراستنا هذه فأرجو أن ترافقونا يوميا في مثل هذا الوقت وأن تدعوا أصدقائكم لمشاركتنا هذه الدراسة.

أود في البداية أن أتكلم عن كيفية دراسة الكتاب المقدس، هناك ثلاث خطوات علينا اتخاذها في اقترابنا من دراسة الكتاب المقدس. هي الملاحظة والتفسير والتطبيق.

الملاحظة تطرح السؤال ماذا يقول النص؟ هذا ما يعني أنك عندما تنظر إلى سفر أو إصحاح أو عدد من الكتاب المقدس تحتاج أن تطرح هذا السؤال: “ماذا يقول هذا النص؟”

السؤال الثاني الذي ينبغي طرحه يتعلق بالتفسير، وهو “ماذا يعني هذا النص؟”.

السؤال الثالث الذي ينبغي طرحه يتعلق بالتطبيق. وهو “ماذا يعني هذا النص لي؟”.

وهذا في الحقيقة في غاية البساطة. فالملاحظة تسأل ماذا يقول النص، أذكر رجلا متقدما في السن كان يحضر دراسة الكتاب المقدس التي كنت أقوم بها منذ سنوات. وكلما كنت أسأل الحضور: “ماذا يعني هذا النص؟” كان هذا الرجل المسن ينظر إلى العدد الذي أسأل عنه ويقول: “يا رجل أرى أن هذا العدد يعني ببساطة ما يقوله”. وفعلا كان هذا الرجل على حق لأن كل عدد وكل إصحاح وكل سفر يعني بالتحديد ما يقوله. وهكذا نجد أن السؤال المهم هو: “ماذا يقول النص؟” وعندما تجد الجواب لهذا السؤال لن يصعب عليك أن تعرف ماذا يعني النص. إلا إذا كنت غير راغب بمعرفة ماذا يعني هذا النص. في الحقيقة إن السؤال الأهم في دراستنا هذه هو السؤال الثالث: “ماذا يعني هذا النص لي؟”

إن دراستنا هذه ليست أكاديمية، فنحن لسنا بصدد أن نفعل منكم خبراء وعلماء في الكتاب المقدس. بل رؤيتنا من خلال هذه الدراسة هي أن نقودكم من خلال مقاطع من الكتاب المقدس التي تكشف لكم إرادة الله لحياتكم اليومية. نحن مهتمون بالرسالة التعبدية وبالتطبيق التعبدي لأسفار الكتاب ولإصحاحاته ولأعداده.

فعندما تصل إلى مرحلة التطبيق تحتاج أن تسأل نفسك أسئلة كالتالي: هل هناك في النص مثال يقتضى به؟ أو مخاطر ينبغي الحظر منها؟ هل هناك وصايا ينبغي طاعتها؟ وخطايا ينبغي تركها؟ هل هناك حقائق جديدة عن الله والمسيح ينبغي تعلمها؟ أو حقائق جديدة عن حياتي الشخصية؟ هل هناك كلمات تحدي وإيحاء، كلمات تعزية وتشجيع؟ هل هناك أسئلة لا أستطيع الإجابة عليها؟ أو مقاطع أخرى مرتبطة بهذا النص؟ هذه الأسئلة سوف تساعدك على تطبيق الكتاب المقدس على حياتك خلال دراستك له.

الآن سوف أشارك معكم بعض القواعد التي نسميها قواعد درس الكتاب المقدس. والتي يسميها اللاهوتيون علم التفسير. وإليكم واحدة: فعندما تقتربوا من مقطع في الكتاب المقدس تذكر هذا ينبغي أن يكون لهذا النص تفسير واحد، ولكن قد يكون هنالك ألف تطبيق. فالتطبيق مختلف عن التفسير. فالتفسير يحتمل معنا واحدا، وهذا يتطلب التواضع خاصة عندما يخالفك الآخرون رأيك في التفسير. ولكن في التطبيق قد يكون هناك ألف طريقة يطبق بها الروح القدس هذا المقطع على حياتك.

وبما أن الكتاب المقدس يتكلم عن المسيح فعلينا باستمرار أن نفتش عن المسيح خلال قراءتنا للكتاب. وعندما تدرس العهد القديم تذكر أنك تبحث عن أمثلة وتحذيرات وبطريقة ما نجد أن الأسفار السبعة عشر الأولى من الكتاب هي التاريخ. فهناك الكثير من التاريخ في أسفار الناموس والأنبياء، وتذكر عندما تقرأ التاريخ سواء في أسفار العهد القديم أو في سفر أعمال الرسل التاريخي في العهد الجديد، أن تبحث عن نماذج للإتباع وتحذيرات للانتباه. فأحداث الكتاب المقدس التاريخية قد يكون لها معاني مجازية أيضا. وهذا ما أقصده في قولي هذا، في غلاطية الإصحاح الرابع والأعداد 22 إلى 24، يقول الرسول بولس: “فَإِنَّهُ مَكْتُوبٌ أَنَّهُ كَانَ لإِبْرَاهِيمَ ابْنَانِ، … وَكُلُّ ذلِكَ رَمْزٌ”، ولا أحد يشك في هذه المعلومات التاريخية، فقد كان لإبراهيم ابنان، إسحق وإسماعيل، أصبح إسماعيل أبو العرب، وأصبح اسحق أبا اليهود، وهكذا تواجد العرب واليهود في الراضي المقدسة, وهذا أمر تاريخي.

وما يعنيه الرسول بولس بقوله: كان لإبراهيم ابنان وكل هذا رمز أنه من حيث المبدأ والعرف يمكن لقصة تاريخية في الكتاب المقدس أن يكون لها معنى رمزيا أيضا. وعندما يقول الرسول بولس أن كل هذه الأمور حدثت لهم مثالا يستخدم كلمة يونانية خاصة لعبارة مثال، إنها مثل عبارة نموذج. فعندما يقول أن كل هذه الأمور حدثت لهم كنماذج، أو كدروس موضوعية أو كرموز، فعندما تقرأ الأدب التاريخي في العهد القديم فعلاوة على انتباهك للتاريخ أنظر أيضا إلى تلك الرموز أو النماذج أو التحذيرات.

قاعدة أخرى من تفسير الكتاب هي تفسير المقطع الصعب أو الغامض على ضوء المقاطع السهلة والواضحة. فهناك أعداد كثيرة في الكتاب المقدس يصعب فهمها. ولكن هناك الكثير من المقاطع السهلة التي ينبغي تفسير المقاطع الصعبة على ضوئها.

قاعدة أخرى لدرس الكتاب المقدس هي، أن لا تقترب من مقطع كتابي ما وفي فكرك مفهوم أو فكرة مسبقة عن ما يجب أن يعنيه المقطع.

كراعي، في يوم من الأيام شاركت مع سيدة كانت تمر بمشاكل بعض الأعداد من الكتاب المقدس. فقالت لي: “أيها القس، لا تشوش ذهني من جهة الكتاب المقدس” يقترب البعض من الكتاب المقدس وهم قد سبقوا وحسموا أمرهم. فعندما يريد الله أن يريك ما يقوله نص الكتاب المقدس وما يريده الله أن يعني النص فإن حكمك المسبق يعقد الأمور ويصعبها.

مبدأ آخر مهم في درس كلمة الله خاصة وإن كنت ستعلمها بدورك للآخرين، هو أن تسأل نفسك بعد أن تفهم معنى النص الكتابي ما إذا كنت أنت شخصيا مستعدا لطاعة هذا المقطع قبل تعليمه للآخرين.

وإليك مبدأ آخر أيضا تذكر أن الله يتكلم إلينا دائما من خلال كلمته. فاقترب دائما من كلمة الله بتأني سائلا الله أن يعلن لك دروسا شخصية. بواسطة الروح القدس. يقول المر نم: “افتح عيني لأرى ومضات الحقيقة التي تريد أن تعلنها لي. وهكذا عليك أن تقترب من الكتاب المقدس ليس بطريقة أكاديمية ولا محاولا أن تصبح عالما أو خبيرا في الكتاب المقدس، بل محاولا أن تتصل بالله وأن تفتح عقلك وقلبك ليكلمك الله من خلالهما. فعندما تصلي صلي هكذا: “يا رب افتح عيني لكي أرى الحقيقة التي تريد أن تعلنها لي اليوم”. هذه هي الطريقة التي عليها أن تقترب بها إلى الكتاب المقدس.

كن مستعدا للاعتراف أن هناك مقاطع كتابية يصعب عليك فهمها. فهناك بعض المقاطع صعبة جدا في الكتاب المقدس. وعليك ألا تفشل عندما تجد واحدا منها أمامك. مثل النص في 1 بطرس 19:3. فقد قرأت تفسيره حديثا لمارتن لوثر حيث قال: “لا يوجد أحد يعرف معنى هذا العدد”. ففرحت جدا لأني وجدت شخصا أمينا ليقول أنه لا يوجد أحد يفهم معنى هذا العدد. أعتقد أنه يوجد العديد من هذه العداد في الكتاب المقدس. فلا تصب بخيبة أمل إذا قابلك واحد منها.

أيضا عليك أن تحذر من إعطاء أهمية للأمور الصغيرة في الكتاب المقدس بمقدار ما تعطي أهمية للحقائق الأساسية والكبيرة في كلمة الله, هناك عدد سهل الحفظ في تثنية 29:29 حيث يقول الكتاب ما معناه “السرائر للرب والأمور التي يريدنا أن نعملها جعلها واضحة جدا”. قال أحدهم للمؤلف الشهير “مارك توين”: “أنا لا أحب الكتاب المقدس لأنه فيه الكثير من الأعداد التي لا أفهمها. فأجاب مارك توين: “ما أجده صعبا في الكتاب المقدس هو ليس ما لا أفهمه بل ما افهمه”.

هناك سرائر تخص الرب وهو لا يعلنها لأحد ولكن هناك أمور معينة يريدنا أن نعملها ولقد جعلها واضحة جدا. فلا تنزلق بالاهتمام بإفراط بالأمور الصعبة والغامضة أي بتلك السرائر التي لا يريد الله أن يعلنها لأحد.

ولا تنسى أبدا أنه لا يوجد ولا أي عدد في الكتاب المقدس الذي يمكن تفسيره بمعزل عن باقي الكتاب. هذا ما يعنيه بطرس الرسول في 2بطرس 20:1 حيث يقول: “أَنَّ كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ”. فأفضل تفسير للكتاب المقدس هو الكتاب نفسه. فيمكنك أن تشتري كل التفاسير والأدوات المساعدة التي سبق واقترحتها عليك ولكن لا تنسى هذا خاصة عندما تقرأ العهد القديم. فإذا كان العهد الجديد يفسر القديم تذكر أن الكتاب المقدس هو أفضل مفسر لنفسه. تعال للكتاب المقدس باحثا عن حقائق لحياتك العملية وليس لمجرد توسيع معرفتك الشخصية.

في هذا الإطار تذكر أن المعرفة الكتابية ليست فضيلة بحد ذاتها بل الفضيلة تنبع من تطبيق المعرفة الكتابية. في حضارة اليوم تسود الفكرة أن المعرفة فضيلة فكل ما زادت معرفتك كلما ازدادت فضيلتك. كثيرون يدخلون هذه العقلية إلى الكتاب المقدس. وهذا ليس صحيحا فالمعرفة ليست فضيلة ولا حتى المعرفة الكتابية، ولكن تطبيق المعرفة ولاسيما المعرفة الكتابية هو الذي يجعل منك فاضلا. فعندما تقترب من الكتاب المقدس لا يكن همك فقط أن تصبح عالما في الكتاب، تعال بالطريقة التي علمها يسوع، تعال بإرادة لتعمل ولتعمل ما تطلبه منك كلمة الله، يتحول العمل إلى علم، والإرادة إلى معرفة حقيقية لكلمة الله. إن العمل بكلمة الله وطاعتها هو سيجعل منها قوة حقيقية في حياتك.

وهناك مبدأ مهم آخر ساعدني كثيرا في قراءة العهد القديم بشكل خاص، عندما تقترب من الكتاب المقدس فتش عن تلك الحقيقة التي تستطيع العيش بموجبها دون الانشغال بالشكل الأدبي التي قدمت هذه الحقيقة فيه. وهذا ما أعنيه بهذا القول عندما يذكر سفر يونان سرعان ما يبدأ الجدل حول لإمكانية أو عدم إمكانية ابتلاع الحيتان للإنسان. وكأن هذه هي الرسالة الأساسية التي أراد سفر يونان نقلها إلينا، وهكذا يتحول الجدل إلى حقيقة سفر يونان التاريخية، ويدعي البعض أن هذا لا يمكن أن يكون حقيقة واقعية بل هو خرافة من نسج الخيال ولا يمكن تصديق النص حرفيا هنا.

بصراحة إن في سفر يونان حقيقة عظيمة نتعلمها، فعندما ننظر لهذا السفر نكون متشوقين لنعرف تلك الحقيقة التي هي عن الحكام المسبقة. فسفر يونان هي قصة نبي كره أهل نينوى لأنهم كانوا أعدائه. أراد الله أن يري يونان أن محبته تشمل الأعداء أيضا، هذه هي رسالة السفر، تخطي الحكام المسبقة. لكي يعمل الله من خلالك. ليست القضية في الأساس قضية ابتلاع الحيتان للإنسان.

سمعت أحدهم يقول مرة: “إن كنت أومن أن الله يمكن أن يخلص خاطئ مثلي فأنا أومن أن يونان ابتلع الحوت”. قد نتقبل هكذا موقف ولكنه ليس المقصود من رسالة سفر يونان، فعندما تقترب من سفر يونان أو قصة آدم وحواء أو أية قصة أخرى في العهد القديم اقترب من هذه القصة طارحا الأسئلة التالية: ماذا تقول هذه القصة؟ وماذا تعني هذه القصة؟ وماذا تعني لي أنا شخصيا؟ وما هي الحقيقة التي تريد يا رب أن تعلنها لي في هذه القصة؟

نقرأ في مزمور 160:119 رَأْسُ كَلاَمِكَ حَقٌّ” وهذا يعني أنه عندما تقترب من الكتاب المقدس فتش عن قمة الحقيقة. أي عن الصورة الإجمالية للحقيقة التي يريد النص أن يعبر عنها وعن الرسالة الأساسية التي يريدك الله أن تعرفها.

بهذه الذهنية عليك أن تنظر إلى معظم أسفار الكتاب ولا سيما في العهد الجديد، باحثا عما يسمى حجة الكتاب الأساسية. والحجة عامة هي فكرة أساسية تنساب عبر السفر من بدايته لنهايته كما يظهر في سفر رومية والعبرانيين. إذ لم يتم تقسيم نصوص الكتاب المقدس إلى إصحاحات حتى القرن الثالث عشر. أما التقسيم إلى أعداد فقد ظهر في القرن السادس عشر.  هذا يعني أن الرسل الذين كتبوا أسفار العهد الجديد لم يكونوا يعرفون ولا حتى معنى إصحاح ولا عدد لأنها رتبت بعدها بقرون.

أحيانا يكون التقسيم إلى إصحاحات وأعداد مساعدا جدا، ولكن أحيانا أخرى يمكن أن يقطع هذا التقسيم سياق تفكيرك ويجعلك تفوت على نفسك الفكرة الأساسية التي يريد كاتب السفر أن يقدمها. لهذا عليك أن تفتش على حجة السفر أو فكرته الأساسية. أيضا عليك أن تنتبه باستمرار لقرينة النص. أي ما جاء قبله وبعده لأن إحدى الطرق الماكرة للكذب هي تزوير الحقيقة بتقديمها مقتطعة عن قرينتها. ولهذا يفسر البعض الكتاب المقدس بطريقة تناسب دوافعهم وذلك بمعزل النص عن قرينته.

تذكر أن الكتاب المقدس هو الطريقة التي يكلمنا بها الله فعلينا أن نقرأه بروح الصلاة. وبما انك مستعد أن تطيع ما يعلمه الكتاب المقدس اقرأه وأنت تقول مع النبي صموئيل: “تكلم يا رب لأن عبدك سامع”. اقترب من الكتاب المقدس وأنت تصلي مثل تومى القمبيزي قائلا: “فلتصمت كل الأصوات وليكلمني صوتك وحدك يا رب في هذه الأيام التي تكثر فيها الأصوات التي تشوش عقولنا نحتاج إلى أوقات خلوة مع الله ندرس كلمته ونصلي أن تصمت كل الأصوات المشوشة وأن يكلمنا صوت الله وحده. وصلاتي أن تدخل أنت إلى قلب كلمة الله وأن تدخل كلمة الله إلى قلبك.

كل ما شاركناه معك أيها المستمع الكريم كان بمثابة مقدمة عن ماهية الكتاب المقدس، عن غايته وعن كيفية دراسته.

أما الآن سوف أشرع بالحديث عن أول أسفار الكتاب المقدس: سفر التكوين. وسفر التكوين هو عن البدايات وأصل الأشياء. فلماذا يبدأ الله كتابه المقدس بالحديث عن بداية الأشياء؟

في سفر التكوين يخبرنا الله كيف كانت الأمور في البداية لنفهم كيف هي اليوم. أنا أعتقد أن يسوع يعطينا مفتاح سفر التكوين، ففي إنجيل متى الإصحاح التاسع عشر جاء أشخاص إلى يسوع وسألوه عن الزواج فأجابهم بما معناه إذا أردتم أن تفهموا الزواج كما هو اليوم فعليكم أن تدرسوا الزواج كما كان في البداية. ارجعوا إلى موسى، إلى سفر التكوين واسألوا أنفسكم هذا السؤال: “ماذا قصد الله عندما خلقهما ذكر وأنثى؟” ادرسوا الزواج كما كان وستفهمون الزواج كما هو اليوم. هذا هو مفتاح سفر التكوين.

أعتقد أنه ينبغي أن نقترب من سفر التكوين من هذا المنظور،  سوف نناقش موضع تلو الآخر من سفر التكوين وفقا للبدايات. وأنت تأتي إلى كل من هذه الموضوعات من سفر التكوين اسأل نفسك هذا السؤال: “يا رب ماذا تعني في البداية حتى أفهم ما هو عليه الآن. أقترح عليك أن تقرأ سفر التكوين من هذا المنظور.

في سفر التكوين، يتكلم الله عن الخلق كما كان عليه في البدء لكي نفهم الخلق كما هو عليه اليوم. ولقد سبق وذكرنا أن إصحاحات الكتاب المقدس هي 1189، وإصحاح ونصف فقط من كل هذه يتكلم عن الخليقة. عندما تتناقش أحيانا مع أشخاص عقلانيين عن الأمور الدينية تظن أن موضوع الخلق هو الموضوع الوحيد الذي يعالجه الكتاب المقدس. ولكن الحقيقة أن الكتاب يعالج هذا الموضوع باختصار فقط في إصحاح ونصف.

ولكن لماذا تعالج كلمة الله موضوع الخلق؟ ما يقوله الله لنا في سفر التكوين عن الخلق وكيف كان، هو لأنه يعلم أننا سنحتاج في يوم ما أن يعمل الله فينا عمل الخلق مجددا، تماما كما حدث مع داود. فعندما سقط الملك داود صلى قائلا: “قلبا نقيا أخلق في يا الله وروحا مستقيما جدد في داخلي”. وما قصده داود في صلاته هذه في مزمور 10:51 هو التالي: يا الله أنا احتاج إلى عمل خلق في قلبي فإن لم تخلق في شيئا لم يكن موجودا سابقا سوف أفشل ثانية لذلك أحتاج أن تخلقني من جديد.

عندما تكلم يسوع عن الولادة من جديد قال: “ينبغي أن تولدوا ثانية لأن المولود من الجسد جسد هو”. وعندما علق الرسل على تعليم يسوع عن الولادة الثانية دعوها باختبار الخلق. “إذا إن كان أحد في المسيح فهو خليقة جديدة الأشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديدا” فالله يعمل عمل خلق في قلب الإنسان المولود من جديد. هذا هو عمل الخلق كما هو عليه اليوم، فعندما ندرك حاجتنا لعمل الخلق هذا، فالله يريدنا أن نلتفت إليه لأنه وحده القادر أن يفعل ذلك. هذا هو السبب الذي من أجله يخبرنا الله كيف أحدث الخلق قديما لكي نقدر بالأكثر عمل الخلق اليوم.

وفي سفر التكوين لدينا كلمات تساعدنا على تذكر هذه النظرة، فالله يخبرنا عن الإنسان المخلوق كما كان عليه قديما وكما هو عليه اليوم. وهكذا فهو يخبرنا في سفر التكوين عن حالة الإنسان آن ذاك لكي يساعدنا أن نفهم حالتنا اليوم. ففي الإصحاح الثالث من سفر التكوين يخبرنا الله عما نسميه أزمة ويسميه الكتاب خطية. ماذا فعل آدم وحواء في تلك الجنة؟ إذا نظرت إلى الإصحاح الثالث من سفر التكوين، تذكر أن هذا الإصحاح يخبرنا عن حالة الخطية آن ذاك لكي نفهم حالة الخطية اليوم.

فسرعان ما اخطأ آدم وحواء حتى بدأ الله بالتكلم معهما. وهذا جميل. وعندما ترى الله في الإصحاح الثالث من سفر التكوين يفتش عن الإنسان ويسأله: أين أنت؟ من قال لك؟ ترى نوعا من الاتصال بين الله والإنسان، وهذه صورة عن كيف كان الاتصال آن ذاك لكي نفهم الاتصال مع الله اليوم. لقد تسبب فشل الإنسان في معضلة الخطية نتائج وخيمة. ففي الإصحاح الرابع نجد بداية الصراعات كما حدثت بين قايين وهابيل. فالله يرينا أن نفهم الصراعات بين الأمم المختلفة اليوم، ولهذا يخبرنا عنها كما بدأت قديما.

في الإصحاحات من ستة إلى تسعة في تكوين يتكلم الله عن الكارثة كما كانت لكي نفهم الكارثة كما هي اليوم. فلقد دمر الله العالم بأثره وهذا ما سمي بالطوفان، حيث تكلم الله هنا عن قصة نوح والطوفان.

والعهد الجديد يفسر قصة نوح والطوفان ويعلق يسوع عليها مرتين عندما يقارنها بمجيئه الثاني. وكاتب الرسالة إلى العبرانيين يخبرنا أنها صورة عن الإيمان فهو يركز على إيمان نوح ويقول لنا هذا هو الدرس الذي علينا تعلمه من هذه الكارثة. أما بطرس الرسول فيشبهها بالخلاص. فهو يقول ما معناه أن نوح فتح الفلك أمام الناس وقال يمكنكم أن تدخلوا هذا الفلك وتخلصوا وهذا رمز جيد عما ندعوه اليوم بالخلاص. وبينما تقرأ عن الطوفان اسأل نفسك ما هو الأمر الذي يوصف هنا كما كان وماذا يريدني الله أن أفهم كما هو الآن؟ ولابد أنك ستجد تطبيقا لهذه القصة.

وفي سفر التكوين أيضا تجد العهد بين الله والإنسان، حيث تجد ظاهرة اقتراب الله من الإنسان ليؤسس معه عهدا وهذا يتكرر تباعا في الكتاب المقدس. فعندما يلتقي يسوع بالتلاميذ يقول لهم: “هلم ورائي وسأجعلكم، اتبعوني هذا دوركم وسأجعلكم هذا دوري”. هذا عهد أو اتفاق، والله يقطع عهودا مثل هذه معنا، وهذا هو المقصود بالعهد القديم أي الاتفاق القديم, وكذلك فيما يتعلق بالعهد الجديد، فالعهد القديم هو آمنوا بي إذا قلت لكم أني سأعمل شيئا بخصوص الانفصال بين الله والإنسان لأن يسوع سيأتي. أما العهد الجديد فهو آمنوا بي إذا قلت لكم إني عملت شيئا بخصوص هذا الانفصال لأن يسوع جاء. فالله يريدنا أن ندخل معه في عهد إيمان. في العهد كما كان لكي نفهم العهد كما هو الآن.

في الإصحاح الحادي عشر من سفر التكوين نجد قصة مشوقة. نجد أناسا يتوحدون والله ينظر إليهم من سمائه ويقول انظر إلى هؤلاء الأشرار يتحدون معا مستخدمين عصارة تقنيتهم وعقلهم. ولماذا فإنهم عندما يتحدون معا لا يصعب عليهم أمر، سوف أنزل وأفرقهم. وهكذا ينزل الرب ويفرق هذا الإتحاد. يبدو أن الله لعدة قرون أعاق الناس عمدا عن توحيد قدراتهم وتقنياتهم. لقد فرق لغاتهم فلم يعودوا قادرين على التفاهم. أليس ما يدعو للدهشة أنه في بداية القرن الماضي حاولي عام 1900 أن الله عاد وسمح للناس أن يتفاهموا معا، فوسائل النقل والاتصال والتقنية عادت لتوحد العالم ومع هذه التقنية تقريبا لا يصعب على الإنسان أمر. لقد أصبح للإنسان القدرة على تدمير ذاته مرارا بسبب أنه وحد عقله.

لقد قام أشخاص أذكياء خلال الحرب العالمية الثانية بتجميع القنبلة الذرية، وبالفعل عندما وحد الإنسان تقنيته بدأ بتحقيق أمور عجيبة. والمدهش أن الله قال عندما بدأ الإنسان يوحد جهوده: “توقفوا عند حدكم، فلدي أمر أود أن أفعله”، وهكذا دعي الله إبراهيم وبدأ مرحلة تاريخية امتدت ألفي عام، وفيما بعد يبدو أن الله عاد وسمح للناس أن يتوحدوا قائلا لهم: “حسنا هيا توحدوا وقوموا بما تخططون له”. فإذا تساءلت عما إذا كان العالم يتقدم أم يتقهقر كون الله سمح للإنسان أن يتوحد من جديد تفهم ما يقوله الله لنا في قصة بابل المأخوذة من تكوين 11 عما هو كان وما هو كائن الآن.

ابتداء من تكوين 12 نجد هناك ثلاث شخصيات، إبراهيم ويعقوب ويوسف. يعلمنا الله أمورا كثيرة في الكتاب المقدس من خلال دراسة الشخصيات. فهو يريدنا أن نفهم الإيمان ولهذا يعرفنا على شخص يدعى إبراهيم. يريدنا الله أن نفهم ما نسميه بأزمة الهوية، ولهذا يعرفنا على شخص اسمه يعقوب. يريد الله أن يعرفنا أنه هو المسئول والسيد على ظروفنا ولذلك يعرفنا على شخص اسمه يوسف.

كانت هذه لمحة عن سفر التكوين، فبينما تقرا هذا السفر فتش عن حالة الأمور كما كانت عليه من زمان وعندها اسأل نفسك ماذا يريدنا الله أن أعرف كيف هو الآن فأخبرني عنه في سفر التكوين كيف كان.

الآن نحن فعلا قد شرعنا في دراسة الكتاب المقدس، وأود أن أضع أمامك ثلاثة تحديات أولا أن لا تفوت على نفسك ولا أية حلقة من حلقات الدراسة هذه وأن تطلب نسخا من الكتيبات. ثانيا أدعو أصدقائك وأفراد عائلتك للاستماع إلى هذه الدروس القيمة من كلمة الله. وأخيرا ابدأ الآن بقراءة سفر التكوين وتذكر أن تسأل نفسك هذه الأسئلة: ماذا يقول؟ ماذا يعني؟ ماذا يعني لي؟ وماذا يريدني الله أن اعمل بما يعلمني إياه.

Categories
Uncategorized

غاية الكتاب المقدس

تماما كما شارك يسوع بعض الحقائق عن الكتاب المقدس مع تلاميذه ليفتح ذهنهم ليفهموا الكتاب لأول مرة، كذلك نريد أن نشارك معكم بعض الحقائق التي نأمل أن تفتح أذهانكم لتفهموا هذا الكتاب العظيم. لذلك نرحب بكم في هذا الدرس الجديد من مدرسة الكتاب المصغرة. نقرأ في الإصحاح الرابع والعشرين من إنجيل لوقا بعض من الكلمات المهمة. هنا قد سبق يسوع وقام من الموت وكان يمشي مع رجلين على طريق عمواس. هذان لم يعرفا أنه يسوع أما هو فعرف أنهما كانا محبطين ويائسين. بسبب كون الذي وضعا فيه أمليهما أن يكون المسيا قد مات صلبا. فوبخهما لعدم معرفتهما الكتب، قائلا لهما ما معناه “أنتم أغبياء لأنكم تستصعبون أن تؤمنوا بما سبق وكتبه الأنبياء في الكتب المقدسة. أم يتنبأ مسبقا وبوضوح أن المسيا سوف يعاني كل هذه الآلام قبل أن يتمجد. ومن ثمة بدأ يسوع يقتبس مقطعا تلو الآخر من كتابات الأنبياء مبتدئا من سفر التكوين، متابعا عبر باقية الأسفار، شارحا ما كانت الأسفار تقوله وتعنيه عنه.

ومن ثمة قال لهما أما تذكران ما قلته لكم جميعا؟ أن كل ما كتبه موسى والأنبياء وفي المزامير هو حقيقة؟ ومن ثمة فتح ذهنهما ليفهما الكتب.

فما هي تلك الحقيقة التي شاركها يسوع مع تلاميذه عن الكتاب المقدس؟ والتي فتحت أذهانهم ليفهموه؟ إنها بكل بساطة قول يسوع أن كل ما جاء في الأسفار المقدسة مكتوب عني. هذا بالتحديد ما فتح أذهان التلاميذ ليفهموا الكتب.

وفي الإصحاح الخامس والعددين التاسع والثلاثين والأربعين من إنجيل يوحنا، قال يسوع الشيء نفسه لرجال الدين الذين عاصروه. لقد كان يحاجونه بخصوص إدعاءاته عن نفسه وهو كان يجيب: “أنتم لا يعوزكم برهان فإن كنتم تريدون أن تؤمنوا بأني أنا هو المسيا فلديكم البرهان الكافي”، ومن ثمة يبدأ يسوع بتعداد البراهين مثل شهادة يوحنا المعمدان بتأييد يسوع، وشهادة الله الآب من خلال معموديته، والمعجزات والعجائب التي حققها يسوع. وقال ما هو معناه: “أنتم خبراء في الكتب المقدسة، وأنتم دائما تفتشون الكتب لأنكم دائما تظنون أنه إن أصبحتم خبراء في الكتاب المقدس فهذا سيعطيكم حياة أبدية”. ثم أضاف يسوع: “كل الكتب المقدسة تشهد لي وأنتم لا تريدون أن تأتوا إلي لتكون لكم حياة”.

يقول أوسولد تشامبرز أن هذه العبارة التي قالها يسوع “كل الكتب تشهد لي” هي العدد المفتاحي للكتاب المقدس. لأنه يرينا أن جوهر الكتاب المقدس هو يسوع. هذه هي الحقيقة التي شاركها يسوع مع تلاميذه ليفهموا الكتاب المقدس بجملته.

هناك أربه غايات أو أهداف أود أن أشاركها معكم، الغاية الأولى للكتاب هي: تقديم يسوع كفادي ومخلص للعالم. ولتحقيق هذه الغاية، وليفهمنا العهد القديم أن يسوع سوف يأتي ولكي يفهمنا العهد الجديد أن يسوع قد أتى، كان لابد للكتاب المقدس أن يقدم لنا بشكل طبيعي الإطار التاريخي الذي أتى فيه يسوع.

الغاية الثانية للكتاب المقدس هي: تقديم تاريخ المخلص والخلاص الذي تحقق بواسطته. علينا هنا أن ننتبه إلى عدد الإصحاحات المعطى بتفاوت في الكتاب المقدس لمواضيعه المختلفة. أظن أن هذا سيساعدنا أن نفهم ما هي غاية الكتاب المقدس أو هدفه، أو ما هو ليس هدفه. خذ على سبيل المثال قصة حياة المسيح المدونة في الأناجيل الأربعة في العهد الجديد: متى مرقس لوقا ويوحنا. فإذا جمعت عدد إصحاحات هذه الأناجيل الأربعة كانت الحصيلة تسعة وثمانون. أربعة فقط من هذه الإصحاحات التسعة والثمانون في الأناجيل الأربعة تتكلم عن ولادة يسوع وعن السنوات الأولى من حياته. والخمسة والثمانون إصحاحا الباقية تتكلم عن الثلاث سنوات الأخيرة في حياة يسوع. سبعة وعشرون إصحاح تغطي الأسبوع الأخير من حياته. فإذ تنظر مستمعي الكريم إلى هذه الأناجيل الأربعة كما تقدم حياة يسوع المسيح، أي ناحية من حياته تظن أنها كانت الأكثر أهمية بالنسبة لكتاب الأناجيل؟ هل ولادته والسنوات الثلاثين الأولى من حياته؟ أم السنوات الثلاثة الأخيرة من خدمته العلنية؟ ولاسيما الأسبوع الأخير عندما مات يسوع على الصليب من أجل خطايانا ومن ثمة قام من الموت. فإذا نظرنا إلى الفسحة المعطاة في الأناجيل الأربعة لأجزاء حياة يسوع المختلفة، فليس من الصعب الوصول للاستنتاج التالي، الأسبوع الأخير من حياة يسوع هو أكثر أهمية بسبع مرات من ولادته ومن السنوات الثلاثين الأولى التي عاشها.

نحن نفرط بالاهتمام بعيد الميلاد، أما الكتاب المقدس فيركز على الفصح. فإنجيل يوحنا مثلا يقسم إصحاحاته إلى نصفين، هو يخصص نصف إصحاحاته الأول للحديث عن ولادة المسيح وعن الثلاثين سنة الأولى من حياته. وعن الثلاث سنين من خدمته العلانية. أما النصف الآخر من إصحاحات إنجيل يوحنا، فيخصصها للحديث عن الأسبوع الأخير من حياة يسوع والذي ندعوه بالأسبوع المقدس. فما هو الأهم في حياة يسوع كما تقدم لنا هنا؟

إن الأناجيل الأربعة ليست مجرد قصة حياة اعتيادية، بل انتقائية، تشدد على النواحي الأهم في حياة المسيح. فاثنان من الأناجيل الأربعة لا يذكران شيئا عن ميلاد المسيح. ولا عن الثلاثين سنة الأولى من حياته. فنرى إذا هذه الأناجيل بسردها الانتقائي تحاول أن تقول لنا شيئا واحدا مهما: “إن يسوع جاء خصيصا من اجل الأسبوع الأخير. حيث مات عن خطايانا وقام من الأموات.

وهكذا إذا تعودت إلى النظر إلى عدد الإصحاحات المخصصة في الكتاب المقدس لمواضيعه المختلقة تجد أنه يحتوي بمجمله على 1189 إصحاحا. فقط أحد عشر إصحاحا منها تغطي تاريخ الكون، تاريخ الأرض، الإنسان، اللغة، الشر، وتاريخ الحضارات والشعوب المختلقة، التي أرادنا الله أن يخبرنا عنها. كل هذا مشمول فقط في الإصحاحات الأحد عشر الأولى من الكتاب المقدس. وبالنظر إلى فلسفتك الخاصة عن أصل الكون، فإن هذه الإصحاحات الأحد عشر قد تغطي ملايين من السنين بنظرك.

في سفر التكوين سرعان ما تصل إلى الإصحاح الثاني عشر. حتى تلتقي بشخص اسمه إبراهيم. وابتداء من الإصحاح الثاني عشر من سفر التكوين وصولا إلى الإصحاح الثاني والعشرين من سفر الرؤيا، ما مجموعه 1178 إصحاحا. وكلها تتحدث عن إبراهيم ونسله. وخاصة هذه النسل الذي به تتبارك جميع الأمم وقبائل الأرض الذي هو المسيا يسوع.

يركز الكتاب المقدس على ألفي عام من تاريخ العبرانيين. ليس هدف الكتاب المقدس ولا غايته أن يكون كتابا مفصلا عن الخلق، ولا عن تاريخ الكون أو الأرض أو الإنسان. هو ليس كتاب حضارات. بل هدف الكتاب المقدس هو واحد. وهو الخلاص والفداء. إن هدفه أن يخبرنا كيف حصل الخلاص. كيف جاء المخلص، كيف جاء الفادي. وهكذا نصل إلى إبراهيم بسرعة. فاهتمام الكتاب المقدس منصب على تلك الحقبة الممتدة من إبراهيم إلى المسيح. والتي تمتد إلى ألفي سنة.

مثال ثالث على عدد الإصحاحات أو الفسحة المعطاة لبعض المواضيع هو التالي: لاحظ الحجم المعطى للعهد الجديد بالمقارنة مع العهد القديم. في العهد الجديد هناك 260 إصحاحا. أما في القديم فهناك 929 إصحاحا. وعلى الرغم أن العهد الجديد يحتوي على 260 إصحاحا، يكثر الذين يقولون أنا لا يهمني شيء من العهد القديم. أعطني العهد الجديد فقط.

فعندما أقوم بدراسة شاملة للعهد القديم ومن ثمة ننتقل للعهد الجديد يقول لي البعض: “أخبرني عندما تصل للعهد الجديد، وعندها سأنضم لحلقات الدراسة، أنا غير مهتم بالعهد القديم”. بالحقيقة أنا أومن أن العهد القديم هو كلمة لله النقية. وانه لابد أن الله يقول لنا الكثير في إصحاحاته ال 929. ولهذا أرجو أن لا يكون هذا الكتاب مغلق لديك. فهذه الأشياء شاركها يسوع مع الرسل ليفتح أذهانهم ليفهموا الكتاب المقدس.

والهدف الثاني للكتاب بحسب الرسول بولس هو أن الله أعطانا الكتاب المقدس بالوحي لكي يكون إنسان الله كاملا متأهبا لكل عمل صالح يريده الله أن يعمله.

ونستطيع أن نقول بالمعنى الدقيق للكلمة أن الكتاب المقدس لم يكتب أصلا لغير المؤمن بل للمؤمن. فلدى الله عملا يريدك أن تعمله لتمجده به. وليؤهلك الله بأن تقوم بهذا العمل أعطاك ستة وستين سفرا موحى بها ومملوءة بالحقيقة التي يريدك الله أن تعرفها.

الهدف الأخير للكتاب المقدس نجده مركز عليه في إنجيل يوحنا. الذي يخاطب غير المؤمن. عندما كتب يوحنا الإنجيل الرابع قال: “وَآيَاتٍ أُخَرَ كَثِيرَةً صَنَعَ يَسُوعُ قُدَّامَ تَلاَمِيذِهِ لَمْ تُكْتَبْ فِي هذَا الْكِتَابِ. وَأَمَّا هذِهِ فَقَدْ كُتِبَتْ لِتُؤْمِنُوا أَنَّ يَسُوعَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ اللهِ، وَلِكَيْ تَكُونَ لَكُمْ إِذَا آمَنْتُمْ حَيَاةٌ بِاسْمِهِ”. (يوحنا 30:20-31). أرادنا يوحنا أن نحصل على الحياة الأبدية، أي تلك النوعية من الحياة التي قصد الله أن يمنحها لنا. وهكذا فأن يوحنا يلفت أنظارنا إلى أن هذه هي غاية يسوع من مجيئه. لذلك أراد يوحنا أن يعرفنا أن يسوع أتى ويعرفنا عليه.

وأرادنا كذلك أن نعرف ما هو الإيمان، وقال ما معناه: “لقد كتبت هذه الأمور عن يسوع من أجلكم أنتم الذين لا تؤمنون، حتى تتفحصوا سجل الآيات والمعجزات التي حققها يسوع لكي تؤمنوا أن يسوع هذه الشخصية التاريخية هو المسيح. إن آمنتم بهذا فسوف يحصل لكم أمر عجيب. سوف تحصلون على الحياة الأبدية. هذا هو السفر الوحيد بين الأسفار الستة والستين التي يمكن اعتباره موجها لغير المؤمن.

أعتقد أننا نستطيع تلخيص الهدف الأخير كالتالي: “لدى الله رسالة واحدة فقط لغير المؤمن بحسب الكتاب المقدس. وهذه الرسالة هي تب وآمن بالإنجيل. وبعد أن يتوب غير المؤمن ويؤمن بالإنجيل فلدى الله ستة وستون سفرا مقدسا مملوءا بالحق لهذا المؤمن. وهكذا نجد أن هناك أربعة غايات أو أهداف للكتاب المقدس. الهدف الأول تقديم يسوع المسيح، الهدف الثاني تقديم تاريخ يسوع المسيح، الهدف الثالث دعوة غير المؤمن لكي يؤمن والهدف الأخير تكميل الذي يؤمن.

أرجو الآن أن أتحدث عن تاريخ الكتاب المقدس، وأتساءل ما إذا كنتم تستطيعون الإجابة على مثل هذه الأسئلة. من هم الذين كتبوا أسفار الكتاب المقدس؟ متى كتبوها؟ أين كتبوها؟ بأية لغة كتبوها؟ هل لدينا اليوم أية مخطوطة من المخطوطات الأصلية التي كتبوا عليها؟ من حفظ لنا هذه الأسفار؟ من ترجم هذه الأسفار للغتنا؟ ومن اختار هذه الأسفار ووضعها في مجموعة من الكتب المقدسة؟ من أعطى السلطة للبعض باختيار هذه الأسفار؟ ومتى تم اختيارها؟ من جمع هذه الأسفار ونظمها لكي تأتي بالكتاب المقدس على شكله اليوم؟

هناك العديد والمزيد من هذه الأسئلة التي سيطرحها الناس عليكم خاصة عندما تقولون لهم أنكم قمتم بدراسة شاملة للكتاب المقدس. فسوف يتوقعون منكم الإجابة ولو بإيجاز على أسئلتهم.

يوف نعالج في البداية قضية كتابة أسفار الكتاب المقدس. لقد سبق وقلنا أن الله هو الذي كتب هذا الكتاب. ولكن ماذا نعني بقولنا أن الله هو الذي ألف الكتاب المقدس؟ لقد سبق وأجبنا على هذا السؤال عندما تكلمنا عن الوحي. من خلال معجزة الوحي حرك الله أشخاصا ليكتبوا الأسفار. فبالحقيقة الله هو الذي ألف الكتاب المقدس.

هناك عبارتان نحتاج أن نفهمهما عندما نتكلم عن كون الله ألف أسفار الكتاب. العبارة الأولى هي الإعلان، والإعلان هي العبارة الشاملة التي تغطي كل الوسائل التي استخدمها الله ليعلن الحقيقة للإنسان. فالله يعلن الحقيقة للإنسان من خلال الطبيعة. وهو يعلن لنا الحقيقة شخصيا من خلال الروح القدس وبطرق مختلفة. والوحي هو ما يسميه اللاهوتيون بالإعلان الخاص. فالكتاب المقدس هو إعلان الله الخاص. إذ له بداية ونهاية. فقد حرك الله رجالا عبر حوالي ألف وست مائة عام ليكتبوا هذه الأسفار.

حوالي عام 90 م عندما كان يوحنا يختم سفر الرؤيا قال أنه أضاف أحد شيئا على هذا الكتاب يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب. وكذلك حذرنا من حذف أي شيء في الكتاب المقدس. فعندما وصل الإعلان الخاص إلى نهايته فهذا يعني أنه انتهى وهذه معجزة مميزة. ولهذا أطلق اسم الإعلان الخاص المميز على الكتاب المقدس.

أحيانا يتساءل الإنسان: “هل ليزال الله يعطي إعلانا شخصيا؟ هل يكلمني شخصيا؟” “نعم! إنه يفعل ذلك بالطبع”، وهنا يفرض سؤالا آخر نفسه: إن كان هناك إذا ما يسمى بالإعلان الشخصي وكذلك الإعلان الخاص، فأيهما أهم؟ أنا أومن بالإعلان الشخصي والإعلان الخاص. ولكني أومن أن الإعلان الخاص دائما له سلطة على الإعلان الشخصي. فإذا جاءني أحدهم كوني قسيسا وقال لي انه يريد أن يترك زوجته قائلا أنها لا تطاق وسوف أتركها.

ولو سألته: “هل خانتك مرة؟”

يجيب: “كلا بالطبع كلا ولكنني لم أعد أطيقها ولم اعد أريد أن أكون متزوجا”. وعندما يدعي هكذا شخص بالقول الله قال لي أن أتركها، عندها أوبخه بسلطان قائلا: “الله لم يقل لك شيئا البتة مثل هذا، لأن الله في الإعلان الخاص أي في الكتاب المقدس لن يسمح لك بترك زوجتك، بل يأمرك بالالتصاق بها وبعدم إمكانية كسر رباط الزواج” هذا ما يعلمه الإعلان الخاص أي الكتاب المقدس ولا يمكن للإعلان الشخصي مناقضته.

أنا أومن بعمق بالإعلان الشخصي ولكن أعتقد أن له محاذير كثيرة ينبغي ذكرها، كن حذرا عندما تنطق بالعبارة :قال الرب لي” فكثيرا ما نقولها في وقت لم يقل الله شيء لنا. بل كل ما نكون بصدده هو أننا نؤله أدوارنا وآرائنا ونحتفظ لأنفسنا بالكلمة الأخيرة.

أذكر عندما كنا منذ سنوات مضت نبني كنيسة، وكنا متفقين على كل خطة البناء بحذافيرها إلى أن وصلنا إلى لون الدهان الذي سوف نطلي به الكنيسة. وكان لكل منا رأيه ولونه المفضل. وذات مساء وبينما كنا نبحث قضية الألوان، جاءتني سيدة متخصصة بالديكور تحمل بيدها قطعة من السجاد إلى جانب قطعة من القماش الملون. ولكنها لم تقل مثلا أظن أن هذه الألوان سوف تكون مناسبة للمنبر بل قالت: “الله قال لي أن هذه هي الألوان التي ينبغي علينا استخدامها”. بصراحة أنا لا أصدق أن الله قال لها هذا وأنا لا أصدق عادة الذين يقولون مثل هذا الكلام. فكل ما حصل أنها كانت تأله رأيها وذوقها. لذلك علينا أن نتوخى الحذر عندما نحاول أن نقول أن الله قال لنا شيئا.

بينما يشدد المؤمن على عبارات الإعلان والوحي، يشدد العالم اليوم على كلمات مثل عقلاني، منطقي، إنساني. وأنت عندما تصبح مسيحيا فأنت لا تصبح لا عقلاني ولا منطقيا ولا إنسانيا. أعتقد أن المؤمن الذي في الكتاب المقدس ككلمة الله وبين الأشخاص الذين يضعون كل ثقتهم بالعقل والمنطق والإنسانية، هو أن هؤلاء اتكلوا على عقل الإنسان بدل الإعلان، وكأنهم يقولون أنا لا أحتاج إعلانا فلدي عقل. أنا أعتقد أن المعيار الذي يدربنا في البر بحسب الكتاب المقدس، ويميز الصواب من الخطأ هو الإعلان. هذا ما نقصده بقولنا أن الله كتب أسفار الوحي.

ولكن علينا أيضا أن نقول أن هناك أناسا دونوا هذه الأسفار. بين هؤلاء كان الملوك، صيادو السمك، رعاة الغنم، القادة العسكريون والسياسيون منهم. أحدهم كان طبيبا والآخر كان عشارا جابي ضرائب. فإذا دريت قصة جمع الكتاب المقدس لكنت وافقت الشاعر “درايدن” في تعجبه وتساؤله القائل: “لولا الوحي الإلهي كيف يمكن لرجال غير بارعين في الحرف والقانون، فرقتهم الأراضي والسنون، أن ينسجوا هكذا حقائق متناسقة، وأن يخدعونا بكذبات متلاحقة، أو كيف ولماذا يمكن لهم أن يتآمروا فيما بينهم، رغم المسافات والأزمان التي فرقتهم، وأن يتحملوا الآلام والاضطهاد، الجوع والاستشهاد، لولا ثقتهم بمصداقية ما نقلوه لنا بالوحي الإلهي. أعتقد أن هذا تساؤل رائع.

إذا تفكرت في كون أناس قد دونوا هذه الأسفار، فأنت تحتاج إلى دراسة كيفية حدوث هذه المعجزة. فسوف تجد أن أسفار العهد القديم قد اختارها أشخاص مثل عزرا الذين كانوا يدعون بالكتبة. ففي حوالي سنة 100 ميلادية تم الاتفاق في مجمع “جمانيا” على اختيار الأسفار التي سبق وجمعت معا قبل هذا التاريخ ب300 أو 400 سنة. أما أسفار العهد الجديد فقد جُمعت في مجلد واحد حوالي عام 692 م في مجمع ترولان. المعيار الأهم في اختيار أسفار العهد القديم هو هوية الكاتب وسمعته كنبي. أما في اختيار أسفار العهد الجديد فقد تم استخدام معيار معين سمي بالقانون. وكان يقع في ثلاثة أجزاء.

أجزاء هذا القانون ثلاثة، أولها: ما إذا كان كاتب هذا السفر من الرسل الأوائل، أو كان على علاقة وثيقة جدا بالرسل. ثانيها: إذا المحتوى الروحي للسفر يلبي حاجات المؤمن روحيا. وثالثها: قبول المؤمنين الشامل لمحتوى هذا السفر. وهكذا تم اختيار أسفار العهد الجديد بعناية فائقة. كثيرون يسألون عن ما هي الأبوكريفا. اُعتبرت الأبوكريفا رسميا من قبل الكنيسة الكاثوليكية عام 1546م أي بعد الإصلاح. لتكون بين أسفار الكثلكة القانونية رغم أنه لم يتم اختيارها في البدء لأنها لم تكن مقبولة أصلا.

عليك أيضا أن تفكر في اللغة الأصلية التي كُتب فيها الكتاب المقدس، كلنا يعرف أن العهد القديم كُتب باللغة العبرية، والعهد الجديد باليونانية. وينبغي على أولئك الذين يرغبون التفرغ لخدمة الإنجيل أن يكونوا ملمين بهاتين اللغتين الأصليتين للكتاب المقدس العبرية واليونانية. كون الكتاب المقدس لم يكتب أصلا بلغتنا العربية.

أمر آخر متعلق بتاريخ الكتاب المقدس، هو كيفية حفظ أسفاره عبر العصور. فكان ينبغي نسخ المخطوطات الأصلية وحفظها. لا توجد أي مخطوطة أصلية اليوم، من تلك التي كُتبت مباشرة بيد الرسل. بسبب تعرض الجلود وأراق البردي التي كتب الرسل عيها للتآكل. ولكن توجد نسخ مبكرة جدا عن هذه المخطوطات. ولكي يتوفر الكتاب المقدس في لغتنا العربية، كان ينبغي ترجمته إليها. ولهذه الترجمة تاريخ عريق، فالترجمة التي نقتبس منها هي الترجمة الإنجيلية العربية الذي بدأ بترجمتها المرسل المستشرق عالى سميث وتابعها بعده المرسل فان دايك. بمساعدة نصيف اليازجي وبطرس البستاني. وانتهى العمل فيها عاو 1860م وسُميت الترجمة بترجمة “فاندايك”.

كان لدي صديق مقرب موظف كبير في دائرة حكومية، أظهر اهتماما بهذه الدراسة وتابعها سماعا وقراءة. وسمع راعي كنيسته يقول يوما: “بحق إن الذين يعرفون الكتاب المقدس بالكنيسة، لا يؤمنون به بالضرورة. والذين يؤمنون به لا يعرفونه بالضرورة”. وإذا كان يصغي لهذه الدراسة ويقرأ الكتاب المقدس لأول مرة في حياته، قال لنفسه: “أنا أومن بالكتاب المقدس وسوف أدرسه وأعرفه”. وعلى الرغم من وظيفته الحكومية الرفيعة ذهب ودرس سنة كاملة في كلية اللاهوت. وأصبح مؤمنا راسخا عارفا لكتابه.

أمر آخر يلفت أنظارنا عندما نفكر في خلفية الكتاب المقدس هي قضية الوحي. فكيف أعرف أن الكتاب موحى به من الله؟ أعتقد أن يسوع عرفنا ذلك بطريقة واحدة، فقال لنا أنه إذا شاء إنسان أن يعمل فإنه سيعرف. فأنت لا تستطيع أن تتأكد أن الكتاب المقدس هو كلمة الله الموحى بها بمجرد الذهاب مثلا إلى كلية اللاهوت لدراسة اللغات السامية القديمة. بل، وبحسب ما يعلمنا يسوع باقترابك من كلمة الله بروح الطاعة والاستعداد للعمل بها. وعندما تعمل ما تقوله كلمة الله فسوف يحدث عملك بها تغييرا كبيرا في حياتك. لدرجة أنك سوف تعترف بقناعة راسخة قائلا حقا هذه هي كلمة الله.

عندما كان يسوع يجد تلاميذه يتبعونه كان يلتفت إليهم قائل: “ماذا تريدون؟” فكانوا يقولون له: “أين تمكث يا معلم؟” فيجيبهم يسوع: “تعالوا وانظروا”. ويُقال أنهم ذهبوا ورأوا ومكثوا معه. ونحن نعرف باقي القصة. ثم بعد ذلك يُقال أنهم ماتوا من أجله، وذلك لأنهم التزموا بأن يذهبوا وينظروا. وبهذه الطريقة أثبت لهم يسوع أن كلمته كانت كلمة الله. المنطق يقول دائما: “عندما أعرف سوف أعمل”. أي عندما تقنعني سوف أتبعك بإرادتي. لكن يسوع يقول دائما: “لا، بالعكس، اخضع إرادتك لي وبعد ذلك سوف تقتنع. “إذا فعلت”، يقول يسوع “سوف تعرف”.

منذ زمن طويل يقول الناس أنا أومن عندما أرى، أما يسوع يقول باستمرار من خلال الكتاب المقدس ما معناه أنت ترى عندما تؤمن. قال داود أنه كان سيفشل لولا أنه رأى جود الرب في أرض الأحياء، هذه هي الطريقة التي تستطيع أن تبرهن من خلالها أن الكتاب المقدس هو كلمة الله فعليك أن تلزم نفسك بأن تميل وأن تنظر إلى كلمة الله. وإذ تأتي لتنظر عليك أن تأتي بنية لتعمل إرادة الله كما هي معلنة في كلمته المقدسة، إن العمل بإرادة الله المعلنة في كلمته سوف يتبعه حتما اقتناع حقيقي بأن هذه هي كلمة الله.

مجددا كما شارك يسوع هذه الحقائق عن الكتاب المقدس مع تلاميذه فأعطتهم فهما لكلمة الله، أأمل أن هذه الدروس التي أشاركها معكم عن الكتاب المقدس تعطيكم ليس فقط فهما أفضل للكتاب المقدس بل أن تغير حياتكم.

وهنا ينتهي وقتنا الثمين معا. أذكركم بأن تدرسوا جيدا الأسئلة وأن تتذكروا العدد التالي 2بطرس 21:1، وأنا أتطلع بشوق لحلقتنا المقبلة.

Categories
Uncategorized

ما هية الكتاب المقدس

أشعر وكأننا على عتبة البدء برحلة معا. أرحب بكم في هذا البرنامج الجديد الذي سندعو حلقاته مدرسة الكتاب المقدس المصغرة. وسوف نقوم معا بدراسة الكتاب المقدس من بدايته إلى نهايته في مائة وثمانين درسا، قد تبدو هذه رحلة طويلة، ولكننا سنذهب فيها بسرعة. وأنا مسرور جدا للبدء بهذه الدروس، ومتيقن أنكم ستشاركونني سروري، وأرجوان تصمموا على الانضمام لهذه الرحلة وأن تدعوا آخرين للإصغاء ودراسة كلمة الله.

تخيلوا أنكم في رحلة طويلة مع مجموعة من الناس، فمثلا لو ذهبت إلى الأراضي المقدسة مع ثلاثين أو أربعين آخرين. ثم بعد سنوات إذا تقابلت مع هؤلاء الأشخاص سوف تشعر برابطة قوية نحو بعضكم البعض لأنكم تشاركتم خبرة معا، في رحلة جميلة.  فأنا الآن أشعر أننا على أعتاب رحلة ممتعة سوف نتجول خلالها في أسفار الكتاب المقدس الستة والستين. وإذا نقوم برحلة الاستطلاع هذه سوف يكون لنا أهداف معينة، أولها النظر إلى محتوى كل سفر من أسفار الكتاب المقدس. وثانيها دراسة وتركيب كل سفر، وثالثها وهو الأهم سنتوقف أمام الرسالة التأملية لكل سفر من هذه الأسفار والتي يمكن تطبيقها على حياتنا الشخصية.

إن هذه الدورة التعليمية موجهة إلى المؤمنين العاديين في الكنيسة، أنا شخصيا أومن أن قوة الكنيسة تكمن في أعضائها المؤمنين. كما شارك الرسول بولس هذه الرؤية معنا في أفسس 12:4 حيث يقول أننا معا  نعمل لأَجْلِ “تَكْمِيلِ الْقِدِّيسِينَ لِعَمَلِ الْخِدْمَةِ، لِبُنْيَانِ جَسَدِ الْمَسِيحِ”. أعتقد أن ما يعلمه لنا الرسول بولس هنا هو أن عمل الخدمة يتم عن طريق المؤمنين العاديين في الكنيسة، وإذا كنا نريد بالحق أن تتم هذه الخدمة نحن نحتاج أن نكمل هؤلاء المؤمنين. فهدفنا في هذه الدورة التعليمية ونحن نستطلع أسفار كلمة الله واحدا تلو الآخر هو أن نرى المؤمنين يتأهلون لمشاركة إيمانهم بأكثر فعالية مع أصدقائهم في السوق ومع العائلة ومع الجيران. وبشكل خاص نحن نرغب في تكميل المؤمنين الذين يقومون بخدمات في الكنائس وفي مدارس الأحد وفي الخدمات الأخرى. بهدف إعطائهم فهما متكاملا لأسفار الوحي.

ولكي نستطيع أن نحقق هذا الهدف سوف أطلب منكم خلال البرامج المقبلة قراءة مقاطع معينة من كلمة الله، وسوف أطرح عليكم أسئلة مما يساعدكم على فهم محتوى كل سفر ورسالته التعبدية والنقاط الرئيسية والتطبيق الشخصي لكل من هذه الأسفار على حياتكم الخاصة.

إذا كنت قد قرأت الكتاب المقدس كله من التكوين للرؤية سوف تعرف أن ما نحن بصدد القيام به هو ما هو إلا مقدمة. إنها دراسة تحليلية للكتاب المقدس. تأخذ الجزئيات لجد لها مكانا في الصورة الكلية. فالكتاب المقدس يتكون من ستة وستين سفرا أو جزءا، وما نود أن نقوم به اليوم هو أن نعطيك إدراكا جديدا لهذه المجموعة من الكتيب التي نسميها بالكتاب المقدس. فمعا سوف نرى أنه كتاب واحد وله رسالة واحدة من بدايته إلى نهايته، وهي قصة فداء الله.

وأنا أود أن أتحداك في بداية هذه الدراسة، فالأمر الوحيد الذي سيعطي هذه الدراسة قيمة في عينيك، هو عندما تكون دارسا ملتزما. يقول الرسول بولس أن الطريقة الوحيدة التي تسمح لنا بتجنب الفشل أو الخجل عندما يتعلق الأمر بفهم الكتاب المقدس، هي بأن نصبح عاملين على الكلمة، بمعنى دارسين للكلمة. إذا الطريقة الوحيدة لفهم الكتاب المقدس هي بدرسه والعمل بموجبه. فأنا أشجعك في بداية هذه الدراسة أن لا تفوت على نفسك أي درس وأن تلزم نفسك بالواجبات التي سنطلبها.

كثيرون من الذين تابعوا دراستنا هذه طبقوها على فريق الخدمة تبعهم. فكثير من المؤسسات التبشيرية تتطلب من مرسليها إلماما واسعا بالكتاب القدس، بالإضافة إلى مهاراتهم الشخصية. فإذا كان دافعك تبشيريا فلابد أنك ستحتاج إلى مزيد من التعمق في كلمة الله. فلقد أعددنا نبذا وكتيبات إضافية تساعد دراستنا وترافقها. وأنا واثق أنك سوف تجد كل إفادة ومساعدة في هذه الكتيبات. فنحن نشجعك على دراستها ومشاركة ما تتعلمه منها مع الآخرين.

وأود أن أضيف شيئا آخر في بداية دراستنا الرائعة هذه عما يتعلق بالأدوات التي ستحتاجها لتدرس كلمة الله معنا، وأنت تعلم أن النجارين وأطباء الأسنان والجراحين والساعاتيين، وغيرهم، جميعهم يستخدمون أدوات، وعليهم أن يحسنوا استخدامها إذا كانوا يحرصون على ازدهار مهنتهم. وبالتالي أنت بحاجة إلى أدوات خاصة بهدف دراسة جدية للكتاب المقدس. وسوف أقترح عليك بعض هذه الأدوات.

الأمر الأول الذي تحتاجه وهو الأكثر بديهية ووضوحا هو الكتاب المقدس. وأنا أقترح عليك أن تستخدم نسخة متينة التجليد. فقد تحتاج أ، تدون ملاحظات خاصة على كتابك. ولابأس بذلك، فهذه الملاحظات ستساعدك على تذكر المقاطع الهامة. وبينما تتآلف مع نسختك هذه بعد سنين من الدراسة، فإن لم تكن نسختك متينة كفاية فسوف تضطر لوضعها جانبا وللاستغناء عنها لأنها سوف تتناثر إلى أشلاء. لهذا أنصحك باستخدام نسخة متينة للكتاب المقدس.

هناك العديد من الترجمات الجيدة للكتاب المقدس، ولكن للمزيد من الوضوح يستحسن استخدام ترجمتين. واحدة منها ترجمة فان دايك، بالإضافة إلى ترجمة تفسيرية تدعى كتاب الحياة. مما سيوفر لك المزيد من الدقة والسهولة والوضوح.

أداة ثانية تحتاجها هى قاموس الكتاب المقدس. الذي يقدم لك معلومات عن كل شخصية ومكان وشيء في الكتاب المقدس. فإذا أردت مثلا التجوال في المنطقة الجغرافية التي دارت فيها أحداث الكتاب المقدس، فإن حيازتك على قاموس الكتاب سوف يعطيك مرجعا تاريخيا وجغرافيا للمواقع المذكورة في الكتاب. والتي يتكلم عنها القاموس بالتفصيل. لهذا يعتبر قاموس الكتاب أداة في غاية الأهمية للدراسة.

أداة أخرى تساعدك في الدراسة هي فهرس الكتاب المقدس، والفهرس هو كتاب يضع لوائح لكل كلمة في الكتاب المقدس. ذاكرا مكان وجودها بالتحديد. والسبب الأول لأهمية فهرس الكتاب هو أنه يساعدك على دراسة موضوعية لكلمة الله. فيمكنك أن تأخذ أي مفهوم أو موضوع في الكتاب المقدس وتنظر إلى الفهرس لتجده يخبرك عن أماكن تواجد الآيات التي تعالج هذا المفهوم أو الموضوع، في الكتاب المقدس من سفر التكوين إلى سفر الرؤيا. مما يوفر لك لمحة شريعة عن الموضوع. والسبب الثاني لأهمية الكتاب المقدس هو أنه يساعدك على تحديد أماكن وجود آيات الكتاب. فكم من مرة يسألك الناس مثلا: “أين يقول الكتاب المقدس أن محبة المال أصل لكل الشرور؟” ويكون جوابك أنك لا تتذكر بالتحديد مكان وجود مثل هذا العدد في الكتاب. ومن هنا يمكنك بكل بساطة أن تفتح فهرس الكتاب المقدس وتفتش عن أي كلمة من هذه الكلمات. مثلا محبة، مال، أصل، شرور، وهكذا بإمكانك بشرعة وبساطة تحديد مكان وجود هذا العدد في الكتاب المقدس. الذي هو 1 تيموثاوس 10:6.

هناك أدوات إضافية تساعدك في دراسة شاملة في الكتاب المقدس. أود أن أقترحها عليك، فهناك كتب التفسير وهي أداة تساعدك على فهم أفضل للكتاب. والكتيبات التي نصدرها هي بمثابة دراسات تفسيرية مصغرة، التي سوف تساعدك على دراسة وفهم وتعليم كلمة الله للآخرين. كثير من رعاة الكنائس يصغون إلى هذه المواضيع ويدرسونها، فيوم مما سوف يسألك أحدهم عن الكتاب المقدس. ودراستنا هذه سوف تؤهلك على الإجابة لهذه الأسئلة.

وسوف تحتاج بالطبع على دفتر ملاحظات وقلم لتسجيل ملاحظاتك وأسئلتك. تذكر بأننا بصدد الشروع برحلة طويلة، فأنصحك بإعداد الأدوات اللازمة وأن لا تفوت على نفسك أي درس، وأن تدعو أصدقائك للانضمام إلينا في هذه المغامرة الرائعة. في دراسة أعظم كتاب في العالم على الإطلاق، الكتاب المقدس.

يخبرنا الإنجيل أن الرب يسوع بعد قيامته رجع وتراءى لتلاميذه ليشاركهم بحقائق من كلمة الله. وبسبب هذه الحقائق التي شاركها يسوع مع تلاميذه، نقرأ أنهم فهموا لأول مرة في حياتهم كلمة الله. لقد فتحت هذه الحقائق التي شاركها يسوع مع تلاميذه، فتحت أذهانهم لفهم كلمة الله. بهذه الطريقة سوف أشارك معكم حقائق عن الكتاب المقدس التي أرجو أن تفتحوا أذهانكم لفهم كلمة الله.

وقبل كل شيء أود تعريف عبارة الكتاب المقدس، كلمة كتاب مشتقة من الكلمة اليونانية “بيبليا” التي تعني الكتب أو الأسفار. وهي بصيغة الجمع في اللغة الأصلية التي استخدمت فيها. هذا لأن الكتاب المقدس هو مجموعة من ستة وستين سفرا.

فعندما نقول أن هذه المجموعة من الكتب أو الأسفار هي مقدسة، فماذا نعني بذلك؟ تعني كلمة مقدسة: أمور تخص الله أو أمور تأتي من الله. فالله هو المصدر لهذه الأمور. والمقصود هنا هو أن هذه الأسفار أو الكتب هي مختصة بالله بطريقة مميزة لأنه قام بدور ديناميكي حيويا فيها. إن هذا الكتاب يحتوي على رسالة الله للإنسان. هذا ما يجعله الكتاب الأعظم في العالم. ولهذا فإن دراسته هي أعظم دراسة في العالم على الإطلاق. وسوف نقوم بدراسة الكتاب المقدس الذي هو كتاب الله لنا.

يطلق على الكتاب المقدس أيضا اسم كلمة الله، فماذا نعني بهذا؟ ندعوه بكلمة الله بسبب ما قاله أنبياء ورسل عنه مثل بطرس وبولس، فلنصغي ما يقوله الرسول بولس بهذا الصدد في 2تيموثاوس 16:3-17 حيث يقول: “كُلُّ الْكِتَابِ هُوَ مُوحًى بِهِ مِنَ اللهِ، وَنَافِعٌ لِلتَّعْلِيمِ وَالتَّوْبِيخِ، لِلتَّقْوِيمِ وَالتَّأْدِيبِ الَّذِي فِي الْبِرِّ، لِكَيْ يَكُونَ إِنْسَانُ اللهِ كَامِلاً، مُتَأَهِّبًا لِكُلِّ عَمَل صَالِحٍ”.

في هذين العددين من الكتاب المقدس يقول لنا الرسول بولس أن الله كان لو دور هام في كتابة هذه الأسفار. لقد أراد الله أن يشارك رسالة مع الإنسان ولكي يقوم بذلك قام بتحريك رجال عظماء لربما أربعين منهم للقيام بهذا العمل. لقد كان هؤلاء الرجال محركين من قبل الله بشكل أن الكلمات التي دونوها لم تكن كلماتهم بل كانت كلمات الله. وفي فترة خمسة عشر أو ستة عشر قرنا أصبحت كتابات هؤلاء الرجال مجموعة في أسفار الذي نسميه الكتاب المقدس.

تسمى الطريقة التي حرك بها الله هؤلاء الرجال ليكتبوا هذه الأسفار، تسمى بالوحي. وبهذا المعنى يقول بولس الرسول أن أسفار الكتاب المقدس موحى بها من الله. وكلمة وحي تعني نفس. لقد تنفس الروح القدس في هؤلاء الأشخاص وحركهم ليكتبوا الأسفار.

ويصف الرسول بطرس الكتاب المقدس بالكلمات التالية: “لأَنَّنَا لَمْ نَتْبَعْ خُرَافَاتٍ مُصَنَّعَةً، إِذْ عَرَّفْنَاكُمْ بِقُوَّةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ وَمَجِيئِهِ، بَلْ قَدْ كُنَّا مُعَايِنِينَ عَظَمَتَهُ…أَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ، بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ”. فالرسول بولس يخبرنا أن معجزة الكتاب المقدس تحققت بواسطة عملية الوحي.

والرسول بطرس يعبر عن ذلك كالتالي: “إن الرسالة التي دونها هؤلاء الأشخاص لم تنبع منهم بل من الله. فكل الرسائل المدونة في هذه الأسفار نابعة من قلب الله، ولقد شارك الله وسائله هذه مع أشخاص محمولين ومحركين بالروح القدس.

يستخدم بطرس عبارة جميلة في اللغة اليونانية، هي “فيرو” والتي تعني تقريبا جسرا عائما. وهناك الكثير من المعابر المائية اليوم في العالم التي يستخدم فيها الناس بواخر عائمة كوسيلة للنقل من ضفة إلى أخرى، ويطلقون على هذا الباخرة اسما ينبثق من العبارة اليونانية “فيرو”. ليشيروا إلى دورها كجسر عائم. هذه هي العبارة التي يستخدمها بطرس ليصف كيفية تحريك الله للذين دونوا الكتاب المقدس. تخيل قوة الريح التي تدفع السفينة لتنقل الناس من ضفة إلى أخرى، هذا هو المقصود بالوحي بحسب الرسول بطرس.

هناك عبارة أخرى هي: “كلمة الله الحية”. والتي تنطبق على يسوع المسيح أكثر مما تنطبق على الكتاب. فالكتاب المقدس يدعى كلمة الله المدونة، ويسوع المسيح يدعى كلمة الله الحية. فكل ما كانه وقاله وعمله كان بمثابة كلمة الله لنا.  فقد قال الله لنا الكثير من خلال الكتاب المقدس. ولكنه قال الأكثر والأكثر في ابنه يسوع المسيح. فما أعلنه الله للعالم من خلال حياة يسوع المسيح وتعليمه يفوق أي إعلان آخر. لهذا يشار إلى يسوع ككلمة الله الحية.

نسمع أناسا يقولون: “الآن، هذا القسيس هو بالحقيقة يعظ كلمة الله”. إن الوعظ من كلمة الله هو بالحقيقية معجزة عظيمة، وصفها أحدهم كالتالي: إن كلمة الله الموعوظة هي أن يستخدم روح الله كلمة الله بواسطة رجل الله لجعل أحد ما ابنا لله.

قال الرسول بولس لقد سر الله أن يخلص بجهالة الكرازة الذين يؤمنون”. لربما بولس لم يفهم هذا اللغز، ولكنه آمن به والتزم به. فعندما كان يذهب إلى منطقة معينة ويكرز بإنجيل يسوع المسيح، كان يكتشف أنه عندما كان يُكرز بكلمة الله بواسطة رجل الله المقود بروح الله كثيرون من الناس كانوا يخلصون ويصبحون أبناء لله.

الآن أود أن أتكلم عن تنظيم الكتاب المقدس، وسأفترض أنك لا تعرف شيئا عن الكتاب المقدس. ولكن إن كنت دارسا للكتاب المقدس، فأطلب إليك أن تكون صبورا حتى نثير اهتمامك في الدروس المقبلة. ينبغي الانتباه أن أسفار الكتاب المقدس الستة والستين ليست مرتبة بالتتالي إلى زمن كتابتها ولا إلى زمن كاتبها. بل إلى نوعية وطبيعة كل منهما. وهي بالإجمال تُقسم إلى فسمين رئيسيين، القسم الأول يسمى العهد القديم، والثاني العهد الجديد. لم تكن دائما الحال على هذا المنوال. ولاسيما في زمن الرب يسوع المسيح حيث لم يكن هناك ما يسمى بالعهد القديم والعهد الجديد. فالعهد الجديد لم يكن قد كتب بعد، والأسفار التي كانت موجودة في عهد المسيح سُميت بكلمة الله أو الأسفار المقدسة. ولم يبدأ التمييز بين العهد القديم والعهد الجديد إلا أن تمت كتابة أسفار العهد الجديد وجُمعت في مجموعة واحدة.

إن جوهر رسالة العهد القديم هي هذه: يسوع سيأتي. هذا ما تريد أسفار العهد القديم قوله. وبحسب كلمة الله كان الله والإنسان في انسجام في البداية. ولكن الله خلق الإنسان حر الاختيار. فاختار الإنسان الابتعاد عن الله وبما أن الله لم يقدر أن ينظر إلى هكذا تمرد وعصيان، تحول الله عن الإنسان أيضا. وهكذا حدث الانفصال بين الله والإنسان. ويعتبر هذا الانفصال بين الله والإنسان المشكلة الأساسية التي تعالجها أسفار الكتاب المقدس.

في العهد القديم يقول لنا الله: “هل تؤمنون بي عندما أقول لكم أنني سأفعل شيئا حيال هذا الانفصال؟” في العهد الجديد يقول لنا الله: “هل تؤمنون بي عندما أقول لكم أنني عملت شيئا حيال هذا الانفصال”. فكما ترون أسفار العهد القديم تقول أن يسوع سوف يأتي وسوف ينهي هذا الانفصال بمصالحة الله مع مخلوقاته. العهد الجديد يقول لنا يسوع أتى وصالح الله مع الإنسان. هناك كلمتان في إنجيل مرقس تلخصان كل العهد الجديد وهما “جاء يسوع:.

تُقسم أسفار العهد القديم إلى خمسة أقسام، أي هناك خمسة أنواع من الأسفار في العهد القديم: أولا هناك أسفار الناموس وتعتبر جوهر كلمة الله النقية، وهنا يعلمنا الله التمييز بين الخير والشر. ويقوم سبلنا. هنا يعلمنا عن مقاييسه للبر. يتبع أسفار الناموس الخمسة عشرة أسفار تاريخية تخبرنا هذه الأسفار التاريخية العشرة كيف أن شعب الله أطاعوا ناموس الله أحيانا وعاصوه أحيانا أخرى. وعندما أطاعوه صاروا لنا مثالا يقتدي به. وعندما عاصوه صاروا لنا عبرة نُحظر منها.

في 1 كورنثوس 11:10 يقدم لنا الرسول بولس مفتاح أسفار التاريخ العشرة في العهد القديم. والسفر التاريخي الوحيد في العهد الجديد أي سفر أعمال الرسل. عندما تقرأ كتب التاريخ عليك أن تبحث عن نماذج نقتدي بها وعن عبرة نُتحاشاها بحسب ما يكون شعب الله الطائع حينا ومتمرد أحيانا على ناموس الله.

الأسفار التاريخية يتبعها الكتب الشعرية هذه الكتب أو الأسفار الشعرية هي رسالة الله لشعبه الذي يحاول أن يعيش بحسب كلمة الله في هذا العالم. في هذه الأسفار يتكلم الله برسالة لقلوب شعبه. فمثلا في سفر أيوب يقدم الله رسالة لشعبه المتألم. وفي سفر المزامير لديه رسالة للشعب عن العبادة وعن كل ما يحدث في قلب الإنسان أثناء العبادة. في سفر الأمثال يكلمنا الله عن الأفكار والتجارب التي تجول في قلوبنا عندما نتعامل مع الناس في الحياة العامة.

قال أحدهم أنك عندما تقوم بمشاريع وأعمال يمكنك أن تكتسب أمرين: المال والخبرة. بمعنى التعلم من أخطائك. ولكن عندما تقوم بالمشاريع مع بعض الناس فهم دائما يحصلون على المال وأنت دائما تحصل على الخبرة. بمعنى أنك تتعلم من أخطائك. أما سفر الأمثال فقد كُتب لأن الله لم يرد أن يقضي شعبه يوما بعد الأخر ف التعلم من أخطائهم، بل أرادهم أن يكتسبوا حكمة عملية عن العلاقات الإنسانية. سفر الجامعة كُتب كرسالة من الله لشعبه عندما يساور الشك قلوبهم. سفر نشيد الأنشاد هو رسالة موجهة للناحية العاطفية في حياة شعب الله.

الجزء الآخر من العهد القديم هو الأكبر من ناحية عدد الإصحاحات والأعداد. وهو يُسمى الأنبياء. ويُقسم إلى قسمين: الأول يُسمى الأنبياء الكبار، والثاني بالأنبياء الصغار. سُمي الأنبياء الكبار كذلك ليس لأنهم أعظم من الأنبياء الصغار بل لأن أسفارهم أكبر في الحجم إذ تقع في ستة وستين إصحاحا، اثنين وخمسين إصحاحا، وثمانية وأربعين إصحاحا وهكذا. لقد تطلبهم الكثير من الوقت ليقولوا ما يبتغونه. وسُمي الأنبياء الصغار كذلك لأن أسفارهم قصيرة وتقع في إصحاح واحد، اثنان، ثلاثة وهكذا. ولربما كانوا وعاظا اقدر من الأنبياء الكبار كونهم استطاعوا أن يقولوا الكثير في كلمات قليلة.

في العهد الجديد أيضا لدينا خمسة أنواع من الأسفار, فلدينا أولا قصة حياة يسوع: متى، مرقس، لوقا، يوحنا. ويقدم هؤلاء البشيرون أوجه مختلفة لأعظم حياة عاشها أحد على الإطلاق. وثانيا لدينا كتاب تاريخي واحد هو سفر الأعمال. وثالثا لدينا رسائل بولس الرسول ورابعا الرسائل العامة.

والرسالة هي بمثابة مكتوب أو رسائل بريدية. لقد كتب الرسول بولس نصف العهد الجديد، الذي سمي برسائل بولس الرسول. ثم لدينا الرسائل العامة التي كُتبت من قبل كتاب متنوعين ولقراء عامين. لأشخاص مشتتين يعيشون في أماكن مختلفة. ويختتم العهد الجديد جزءه الخامس بالكتاب النبوي سفر الرؤية الذي هو كتاب الرموز. أنت تحتاج الروح القدس ليساعدك على فهم هذا السفر. الذي تبدأ افتتاحيته بعبارة: “إعلان يسوع المسيح”

وهكذا نجد لدينا ستة وستين سفرا في الكتاب المقدس. مرتبة ليس حسب زمن كتابتها بل حسب نوع محتواها ولقد رأينا معا الأنواع الخمسة لأسفار العهد القديم: أسفار الناموس، أسفار التاريخ، أسفار الشعر، الأنبياء الكبار، والأنبياء الصغار. وكذلك في العهد الجديد لدينا خمسة أنواع من الأسفار: الأناجيل الأربعة، سفر التاريخ الذي هو أعمال الرسل، رسائل بولس الرسول، الرسائل العامة وسفر الرؤيا النبوي.

عندما تكلم يسوع مع التلاميذ في القديم شارك معهم حقائق فتحت ذهنهم ليفهموا الكتاب. فصلاتي اليوم أن تفتحوا هذه الحقائق التي شاركتها معكم اليوم أذهانكم لتتعلموا كيفية فهم الكتاب بالإقتراب منه.

تعال إلى الكتاب المقدس مميزا رسالته الأساسية يسوع آت. هذا هو فحوى العهد القديم. وعليك أن تأتي إلى العهد الجديد باحثا عن الرسالة التالية: “يسوع أتى” هذا هو فحوى العهد الجديد. أعتقد أن هذا كل ما عليك أن تبحث عنه في العهدين القديم والجديد.

وهاك واجبك الأول: أن تحفظ أسماء أسفار الكتاب المقدس، الأمر الذي سوف يساعدك أن تجد المراجع الكتابية بسرعة وسهولة عندما يقتبس منها الواعظ. وأنا اعتقد أن هذا سيشجعك على دراسة جدية للكتاب.

والواجب الثاني هو أن تحفظ الآية الموجودة في 2تيموثاوس 16:3-17. وأن تجيب على الأسئلة التي في الكتيب.